عبادته جل وعلا

ومن التعرف عليه: عبادته جل وعلا، فهي تقرب العبد من الرب، ولهذا قال الله تعالى في الحديث القدسي: {وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه} .

أما الإلحاد في أسماء الله تعالى فهو محادةٌ لذلك كله، ولهذا قال: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} [الأعراف:180] .

إن من الإلحاد أن تسمى الآلهة والأصنام، والمعبودات من الحجر أو من البشر، بأسماء الله تعالى، كما سمى المشركون اللات والعزى من الله ومن العزيز، وكما يخاطب بعضهم بشراً من البشر بألوان من التعبد، والثناء، لا تليق إلا بالله، وقد قام أحدهم يمدح طاغية من طغاة العصر الحاضر، في وسيلة إعلام تلتقط في منطقة عريضة، ويقول له: يا فلان تباركت في الأرض، كما تبارك الله في السماء، وقام آخر في بلد منكوبٍ معروف، يخاطب الرئيس، ويقول له: لو كان لي من الأمر شيء لجعلتك في مقام الذي لا يُسأل عما يفعل، فطاش صواب هذا الرئيس، واغتر وطرب وقال: اسمعوا لا يبدل القول لدي، وما أنا بظلام للعبيد، وما هي إلا ساعات حتى أردته رصاصة طائشة واحدة، حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت، آلآن وقد عصيت قبل! وإن من الإلحاد: تسمية الله تعالى بما لا يليق، كما سماه النصارى أباً، أو سماه الفلاسفة موجباً، أو علةً فاعلة، أو ما شابه ذلك.

وإن من الإلحاد في أسمائه وصفه بصفات النقص، كما قالت اليهود: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [آل عمران:181] .

وإن من الإلحاد: تعطيل أسمائه الحسنى أو بعضها، أو صفاته أو بعضها، وجحد معانيها وحقائقها كمن يقول: إنها ألفاظ مجردة، لا تدل على معانٍ ولا تتضمن حقائق.

وإن من الإلحاد: تشبيه صفات الله تعالى بصفات خلقه، وهو سبحانه أحدٌ صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فهو لا يشبه خلقه ولا يشبهه أحد من خلقه، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، ولا تحيط به العقول، ولا يحيطون به علماً، ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء، وكل ما خطر ببالك من الصور والرسوم والخيالات والكيفيات والأشكال، فالله تعالى ليس كذلك، لا تدركه العقول، ولا تحيط به العلوم، سبحانه عز وجل.

وهذا الموضوع موضوع كبير وطويل، وسيكون له بقية إن شاء الله في مناسبات أخرى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015