ولذلك لو نظرتم في سير السلف الصالح، لوجدتهم أنهم يسلمون من الأمراض التي تصاحب طلب العلم عادة، وذلك كمرض العجب والغرور، فإنه من الأمراض التي تسرع إلى طالب العلم، فما أن يتصدر للتعليم ويلتفَّ الناس حوله ويطؤون أعقابه إلا ويصيبه شيء من الزهو والعجب والخيلاء ويخرج عن طوره، وكذلك الحسد الذي قد يجعل طالب العلم يحسد غيره على ما آتاه الله من فضله، فإذا تعب في تحصيل العلم، ثم رأى أن غيره حصَّل أكثر مما حصل بتعب أو بغير تعب، وإن كان العلم لا يستطاع براحة الجسم كما قال يحيى بن أبي كثير، المهم إذا رأى غيره فاقه أصابته الغيرة والحسد، إضافة إلى غير ذلك من الأمراض الكثيرة، فلو نظرت في سير السلف وجدت الغالب عليهم السلامة من هذه الأمراض، لأنهم فهموا العلم كما ذكرت.