نموذج فاطمة رضي الله عنها

يروي أبو داود في سننه، عن علي بن أعبد عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه وأرضاه- أنه قال له: {ألا أحدثك عني وعن فاطمة، قال: بلى، قال: إنها كانت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحب أهله إليه، وكانت عندي -أي أنه تزوجها- قال: فجرت بالرحى حتى أثرت في يدها، وحملت القربة حتى أثرت في نحرها، وكنست البيت حتى اغبرت ثيابها، وطبخت بالقدر حتى دكنت ثيابها، فسمعنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد جاءه رقيق أو خدم، فقلت لها: لو ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألتيه خادماً، فذهبت فاطمة رضي الله عنها إلى بيت أبيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، تريد أن تسأله خادماً، فلم تجده، أو وجدت عنده حُداثاً -أي: قوماً يتحدثون- فاستحيت فرجعت إلى بيتها، فلما أخذا هي وعلي مضاجعهما، طرقهما الرسول صلى الله عليه وسلم، فجاء حتى جلس بينهما، فقال: ما الذي جاء بك يا بنت رسول الله؟ فاستحيت وسكتت، فقال علي -رضي الله عنه وأرضاه- أنا أخبرك يا رسول الله، إن فاطمة قد جرت بالرحى حتى أثرت في يدها، وكنست البيت حتى اغبرت ثيابها، وحملت القربة حتى أثرت في نحرها، وأوقدت على القدر حتى دكنت ثيابها، وإني سمعت أن خداماً أو أعبداً جاءوك، فقلت لها: اسأليه صلى الله عليه وسلم خادماً.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم، إذا أويتما إلى مضاجعكما فسبحا ثلاثاً وثلاثين، واحمدا ثلاثاً وثلاثين، وكبرا أربعاً وثلاثين فإنه خير لكم من خادم} والحديث أصله في الصحيح، وخرج من عندهما صلى الله عليه وسلم، ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إن هذه الأذكار قد جربت لمن حافظ عليها عند النوم أنه يجد من القوة والقدرة على معاناة الأعمال ما لا يجد غيره" وهذا سر فيها، يدل عليه توجيه النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة وعلي إلى ذلك، يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه [[فوالله ما تركتهن منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قيل له: ولا ليلة صفين قال: ولا ليلة صفين]] .

وهذه القصة أيضاً ليست هي الوحيدة، بل إنني أقول: إن معظم نساء الصدر الأول من زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم أو زوجات الصحابة كن على مستوى قريب من هذا المستوى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015