شهادة الغرب على نفسه

النقطة الخامسة: هي عبارة عن شهادات.

جاك بيرك، هذا مستشرقٌ فرنسي جاوز الثمانين من عمره، يقول في مقابلةٍ له مع جريدة الحياة: إن الغرب لا يزال يجهل الإسلام جهلاً كلياً، حيث يضع الإسلام في موقع التعارض مع العقل، ويندفع دائماً في معادلات مثل: الإسلام يساوي التعصب، هكذا يقول.

أقول: هل المشكلة لدى الغربي مشكلة الجهل فحسب؟ لا أعتقد ذلك، وأعتقد أن القضية ليست كذلك، وحتى لو افترضنا أن القضية قضية جهل، ف

Q متى سنفلح في إزالة الجهل عن شعوبٍ تعد بمئات الملايين، في حين أن إمكانياتنا محدودة، بل حتى عن تعديل الصورة لدى الغربيين الموجودين في بلادنا والذين يعيشون بين أظهرنا؟! يقول أحد الصحفيين الأمريكيين: إن الأمر -أي تعديل الصورة- سيستغرق وقتاً طويلاً؛ حتى يفهم الأمريكان ويتخلوا عن الصورة الجامدة التي يحملونها عن العرب.

وأعتقد أن الأمر لن يكون أصلاً، قد يتم تعديل بعض الصورة، لكن أعتقد أن القضية ليست في طريقها إلى الحل، فعبر التاريخ الغربي كانت الصورة قاتمة.

وهذا إدوارد سعيد باحث متخصص، معظم حياته في أمريكا، يقول في كتاب له مهمٌ اسمه: التغطية الإعلامية للإسلام، يقول كلمةً مهمة: لم أستطع أن أكتشف أي فترة في التاريخ الأوروبي والأمريكي منذ القرون الوسطى، نوقش فيها الإسلام هناك خارج إطار العاطفة والتعصب والمصالح السياسية.

هذه شهادة مهمة جداً.

كانوا يناقشون الإسلام عبر تاريخهم مناقشةً عاطفيةً متعصبة، تنطلق من مصالحهم السياسية ضد الإسلام.

وأقول: إن وعي الغرب بالإسلام سيزيده حقداً وكراهيةً للإسلام، وخوفاً من الإسلام، فالإسلام الذي قد يقبلونه، أو يتأقلمون معه، هو الإسلام المهجن المدجن، الإسلام الأمريكي كما سماه بعضهم تجاوزاً، الذي لا ينافسهم على دنياهم، بل يتحدث كما قال أحدهم: عما تحت الأرض وما فوق السماء، عن القبر والموت والعالم الآخر، وعن الله والملائكة، أما الدنيا فإنه يدعها لقيصر: دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر.

ولهذا هناك دراسةٌ نشرت في صحيفة التايمز في هذا العام، تحدثوا فيها عن أن الإسلام قادمٌ لا محالة، بعنوان: سيف الإسلام.

يقولون: الإسلام قادمٌ لا محالة، لكن علينا أن نختار إما الإسلام الأصولي المتشدد، وإما الإسلام المرن المتسامح.

إن الغرب لم يكن أكثر وعياً بالإسلام منه اليوم، وفي نفس الوقت لم يكن أشد خوفاً وهلعاً وفزعاً من الإسلام مما هو عليه الآن، فالإسلام الحق يخيفه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015