ثم يأتي علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه، فيثني على عمر رضي الله عنه، فيقول: [[والله إني لأرجو أن تكون مع صاحبيك، فإني كنت كثيراً ما أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: دخلت أنا وأبو بكر وعمر، خرجت أنا وأبو بكر وعمر، كنت أنا وأبو بكر وعمر]] فيشهد له رضي الله عنه وأرضاه بالخير وحسن الصحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يدخل المسلمون عليه زرافات ووحداناً، ثم تستأذن بنته حفصة رضي الله عنها، ومعها النساء، فيخرج الرجال فتدخل فتبكي عند أبيها ساعة، وهي تقول: [[يا أبتاه! يا صاحب رسول الله، يا أمير المؤمنين]] فينهرها عمر رضي الله عنه وأرضاه، ويقول: لا صبر لي على ما أسمع، عزمت عليك ألا تقولي شيئاً من ذلك، أما عينك فلست أحبسها.
أي أن البكاء لا بد لها منه، أما النياحة والندبة، وتعداد محاسنه وما أشبه ذلك فإنه لا يرضى به، ثم تخرج حفصة رضي الله عنها فيسمع بكاؤها من الستر، وبكاء النساء معها، وكان عمر رضي الله عنه إذا ذاك على رجل ابنه عبد الله بن عمر ثم يأتي الطبيب وينظر فيسقي عمر رضي الله عنه نبيذاً، وهو الماء يوضع فيه شيءٌ من الزبيب حتى يكون حلواً، فيخرج النبيذ من جرحه، ثم يسقيه شيئاً من اللبن فيخرج من جرحه أيضاً، فيعلمون أنه هالكٌ لا محالة.