الحد الأدنى المطلوب من طالب العلم في عبادته

وألخص هذه الأشياء المطلوبة من طالب العلم في أربعة أمور: الأمر الأول: وهو القيام بأداء ما افترضه الله عليه، من الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، وغيرها من الفروض وكذلك صلاة الجماعة، وخاصة صلاة الفجر، فإن صلاة الفجر فيصل يدل على إيمان العبد أو ضعف إيمانه، وفي حديث أنس الذي رواه ابن حبان قال: [[كنا إذا افتقدنا رجلاً في صلاة الفجر أسأنا به الظن]] .

الأمر الثاني: أن يقوم بقدر من النوافل وهي كالسنن الرواتب والوتر وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن يكون له وردٌ من قراءة القرآن لا يتركه في جميع الظروف، وأن يكون له وردٌ من الأذكار في الصباح والمساء وفي تقلبات الأحوال وإن قل، فإن أحب الأعمال إلى الله أدومه وإن قل.

الأمر الثالث: أن يحرص على تحقيق المعنى الذي شرعت من أجله هذه العبادات، فإن من المعلوم أن الله عز وجل لم يشرع هذه العبادات ليكلفنا أو ليعذبنا، فإن الله غني عن تعذيبنا، إنما شرعها لتهذيبنا، وإصلاح نفوسنا وسرائرنا، فيحرص العبد على أن يؤدي هذه الأشياء مع مجاهدة نفسه باستحضار ذهن، وحضور قلب، واحتساب، وصلاح نية.

الأمر الرابع: أن يجتنب المحارم ما استطاع، ويحفظ نفسه من قول الزور والغيبة والنميمة، وأكل الحرام، وما أشبه ذلك من المحرمات المعلوم تحريمها، فيحرص على تجنبها والبعد عنها.

هذه أربعة مطالب لا بد منها لطالب العلم حتى يحقق قدراً من سيره إلى الله تبارك وتعالى، وإذا أخل الطالب بهذه الأشياء فيجب عليه أن يبكي على نفسه، ويقول مع القائل: لنفسي أبكي لست أبكي لغيرها لنفسي من نفسي عن الناس شاغل ويتذكر الكلمة التي قالها الإمام ابن الجوزي رحمه الله قال: إن طالب العلم إذا لم يرد وجه الله ويعبد الله بهذا العلم، فهو مسكين مسكين، لأنه خسر هذه الدنيا فلم يتمتع بلذاتها وزخارفها كما تمتع غيره من الفساق والمنحرفين، حيث كان مشغولاً بطلب العلم وتحصيله، ثم يقبل على الله عز وجل فيحرم من لذات الآخرة؛ لأنه لم يسع لها ولم يطلبها، ويقبل على الله عز وجل أصغر ما كان والحجة عليه أقوى ما كانت، فالحجة على العالم ليست كالحجة على الجاهل.

هذا وأسأل الله عز وجل أن يرزقني وإياكم الإقبال عليه، واللهج بذكره، وأن يجعل ما نتعلمه من القرآن والسنة قربى وزلفى إليه في الدار الآخرة، وأن يعيننا على أنفسنا، وأن يهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ويجعلنا للمتقين إماماً، في الأقوال والأفعال والعلم والعبادة، وكل خير وألاَّ نكون ممن علمه حجة عليه.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآلة وصحبه أجمعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015