أدم قرع الباب حتى يُفتح لك، واعلم أن الله تعالى إذا حجب عنك شيئاً مما تريد الآن، فإنما يحجبه عنك لحكمة وهو أحكم الحاكمين، لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون، وعليك أن تظل منطرحاً حتى تصل إلى درجة الاضطرار، والله تعالى يجيب المضطر إذا دعاه، كما قطع على نفسه سبحانه، وكتب على نفسه {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} [النمل:62] .
والناس يتناقلون في قصصهم وأخبارهم، أن ربنا جل وعلا يجيب دعاء المضطرين في أمور الدنيا، حتى ولو كانوا من غير المسلمين أحياناً، فربما أجاب الله دعوة غريق، أو مريض، أو حريق، أو جائع، أو مظلوم، أو غير ذلك إذا وصل إلى درجة الاضطرار، أي الانقطاع التام من الأسباب، والتسليم المطلق لله تعالى، وتفويض القلب كله إلى الله تعالى، وانتظار الرجاء مع الثقة بوعده؛ فكيف إذا كانت الضرورة ضرورة دينية؟! وضرورة الدين أعظم من ضرورة الدنيا؛ لأن الإنسان قد يموتُ من مرضٍ، أو جوعٍ، أو عطشٍ، أو بردٍ، أو حَرٍ، أو ظُلمٍ، فيكون مأواه إلى الجنة إن كان من الصالحين الأتقياء، فضرورة الدنيا مهما عظمت فأمرها يهون، لكن المصيبة العظمى ضرورة الدين، فكون الإنسان مفتوناً في دينه في مثل هذا الأمر هذه هي المصيبة؛ لأن الإنسان ولو عاش في ظل نعيمٍ مقيم في هذه الدنيا فإن مصيره إلى الموت، وما بعد الموت أمر يهول ويطول، فعليك أن تستمر في قرع الباب حتى تصل إلى درجة الاضطرار، وأن لا تيأس من أن الله تعالى سوف يجيب دعاءك.
إذاً: عليك أولاً: أن تشغل قلبك بطاعة الله تعالى وحبه وذكره ودعائه وسؤاله وتنطرح بين يديه.