عليك أن تعالج قلبك، بالقرآن وترديد القرآن، وبالمواصلة وعدم اليأس، وكما قيل: أخلق بذي الصبرِ أن يحظى بحاجتهِ ومُدمِن القرعِ للأبوابِ أنْ يَلِجاَ رأيت بعض الناس يُصلي مرة أو يخشع مرة، أو يحضر ختمة من الختمات، أو يحضر مجلساً من المجالس، فإذا لم يجد في قلبه ليناً ترك المجاهدة!! لا يا أخي كل حياتك ميدان للجهاد حتى تموت، حتى وأنت على فراش الموت، جاهد لعل التوبة تكتب لك ولو في ذلك الوقت، فإنك سعيد إن كتبت لك توبة، حتى ولو كنت على فراش الموت ما لم تغرغر قال النبي عليه الصلاة والسلام: {إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر} كما في الحديث الصحيح -حديث أبي هريرة - رضي الله عنه.
فحتى لو كتبت لك توبة هناك فأنت إلى خير، المهم أن تتوب قبل الموت، وقبل أن تبلغ الروح الحلقوم، وقبل أن تعاين الملائكة الذين جاءوا لقبض روحك.
والله عز وجل يقول: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:99] .
فانطرح بين يدي الله، وانكسر له، واصرخ طالباً من الله تعالى النجدة والغوث، وتذكر أن الإنسان لو رأى شخصاً في مسيس الحاجة إليه، وهو يناديه ويستغيث به ويطلب منه عونه في نجاة من غرقة أو حرقة، أو حادث أو غير ذلك، أن أقسى الناس قلباً، لا يمكن أن ينظر إلى هذا الشخص وهو يموت ويتركه، والله تعالى أرحم الراحمين، وأحكم الحاكمين، ورحمته وسعت كل شيء وهو أرحم بعباده من الأم بولدها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
فعليك أن تعلم أن ربك هو الرحمن الرحيم، الودود الحليم الذي قال عن أكفر الكافرين: {ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا} [البروج:10] أي: لو تابوا لتاب عليهم، {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [البروج:10] يعني أصحاب الأخدود {ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} [البروج:10] .
أي: لو تابوا من جريمتهم العظمى لتاب لله عليهم وقبلهم، فهو قابل التوبة، فتب إليه وانطرح بين يديه، وَأَدِمْ السؤال، وألظ بـ (ياذا الجلال والإكرام) واصدُق الله تعالى يصدقك الله، ولا تيأس إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، ولا تقنط فإنه لا يقنط من رحمة ربه إلا الضالون.