الأمر الثاني الذي قد يكون سبباً فيما جرى وبزوال السبب يزول المسبب، إن هذا الأمر قد يكون بسبب النظرة الحرام، أول نظرة تلذذ واستحسان لهذه الصور، وقد يرى بعض الناس أن هذا أمرٌ أصبح عادياً، فعلى الإنسان أن يكف بصره عما حرم الله، {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور:30] وقال: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور:31] .
وعلى الإنسان أن لا يثق بنفسه أبداً.
اتصلت بي إحدى المرات امرأة، تقول لي: كنت أسمع الناس يتكلمون عن التلفاز ويحذرون منه؛ فكنتُ أسخر بالذين يقولون هذا الكلام، لأنني لا أرى فيه شيئاً، ولا أتابعه، وإنما كنت أستمع كما تقول إلى البرامج الدينية، وربما شاهدت المباريات الرياضية، فتقول: في إحدى المرات، تعلق قلبي من حيث لا أدري ولا أشعر بأحد هؤلاء اللاعبين الذين أتابعهم، وصرت أفكر فيه دائماً وأبداً، ووالله إنها تكلمني وعبرتها تسبق كلمتها، وهي تقول: إن هذه الأمور أنا لست لها، وليست لي، وأنا بعيدة عنها، وتحلف بالله أن هذا الإنسان لو جاء يطرق الباب إنها لا يمكن أن تقبله، ولكنها تشكو ما وجدت في قلبها، وتتساءل كيف سرى هذا إلى فؤادها!! وهذا هو البلاء، البلاء يسري من حيث لا يدري الإنسان مثل ما قال الشاعر الذي يقول: عُيون المها بين الرُصافة والجسرِ جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري فقد لا يعرف الإنسان أن هذه النظرة سوف تورثه مثل هذا المصير السيئ، فعلى الإنسان أن يقطع مادة الفساد من أصلها بتجنب النظر الحرام، والذي وقع عليه أيضاً أن يعالج هذا البلاء بغض البصر، وأن يطأطئ رأسه لله، فكما إنه في صلاته ينظر إلى موضع سجوده لا يتعداه، فعليه أن ينظر إلى ما يحتاج إليه، وأن يتجنب إطلاق البصر فيما لا يحتاجه وفيما يضره ولا ينفعه.