Q كثير من الشباب يتقبلون من الملتزمين الشيء الكثير ويحبون أن يحضر إليهم الشباب الملتزم سواء في الأرصفة، أو في الأحواش، ولكن لا يأتي إليهم إلا القليل، والواجب أن نستغل هذه الفرصة بتنبيه الشباب الذين يسهرون حتى الفجر وعندهم وقت طويل!
صلى الله عليه وسلم هذه فرصة طيبة سبق أن أشرت إليها بإيجاز، أن ندفع لدعوة هؤلاء الشباب إلى الله عز وجل كلمة طيبة، جلسة مباركة لا تستغرق خمس دقائق، قد يهدي بها الله -تعالى- على يديك رجلاً واحداً، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الذي رواه البخاري وغيره في قصة خيبر يقول لـ علي: {لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم} .
من رد عبداً آبقاً شارداً عفا عن الذنب له الغافر فتأتي أعماله يوم القيامة في صحائف أعماله، {من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، من غير أن ينقص من أجورهم شيء} {من سن في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده إلى يوم القيامة} .
وكل هذه أحاديث في الصحاح، فعلى العبد أن يغتنم الفرصة، ومثلما تقبل في رمضان على القيام، والصيام، أو العمرة، أو في موسم الحج على الحج، عليك أن تقبل في موسم الإجازة على الدعوة، فتذهب إلى هؤلاء الشباب وتتلطف معهم، وتتكلم بالكلام الطيب، وتدعوهم إلى الله عز وجل ولا تيأس منهم، فإن قابلوك بالخير فبها، وإن قابلوك بالسوء فلا تغضب لنفسك، ولا يتمعر وجهك، ولا تتنمر وتقول: أنت فلان بن فلان، وأنا ولد فلان، وأنا أفعل وأفعل، لا.
دعهم ولا تنتصر منهم، فإنه سيكون في قلوبهم حينئذٍ ندم، وخزي، وأسف على ما قابلوك به، وربما يكون هذا سبباً في هدايتهم واستقامتهم.
حدثني أحدهم، قال: دخلت متجراً في جدة فقام إليَّ رجلٌ كث اللحية، فعانقني، وضمني، وقبل رأسي وقد بللت الدموع عينه وهو يصافحني بحرارة، ويسألني عن أحوالي، وأخباري، وأموري وغير ذلك، قال: فخجلت خجلاً شديداً، لأني أدركت أن هذا الرجل قد شبه عليَّ وظنني رجلاً يعرفه وهو لا يعرفني! قال: فلما هدأ، قلت له: أظن أنك قد شبهت علي، قال: لا، قلت: كيف؟! قال: ألم تمر قبل عام مضى في مكان كذا، وذكر مكاناً قريباً من مكة، قال: فتذكرت فقلت: بلى، قال: فوجدت قوماً يغنون ويطربون فأتيت إليهم وتكلمت معهم، قال: بلى، قلت: فضحكوا منك، قال: أنا كنت أحدهم، هداني الله تعالى بتلك الكلمة.
كانوا يضحكون، لكن فيما بعد أدت تلك الكلمة دورها، فعليك أن تغرس البذرة في الصحراء وربما تأتي قطرة من السماء فتسقيها، فتنبت بأذن ربها فتكون لك قربة إلى الله، يكون لك أجر بهذه الشجرة التي نبتت، أعني الإنسان الذي هداه الله عز وجل.