Q بماذا تفسر ذلك التجاهل الخطير، والإحجام الكبير، في التصدي للخَطْبِ الجلل المتمثل في البث المباشر الذي احتضنته بيوت المسلمين اليوم بشكل مخيف؟ أين موقف العلماء المخلصين العارفين بمخاطر هذا الوباء؟ كموقفهم العظيم المثمر في وجه حوادث سابقة؟ من مثل محاولة قيادة المرأة للسيارة، أو غير ذلك، مع أن هذا البث أشد فتكاً، وأعظم خطراً، فلماذا هذا التجاهل والخذلان؟! أهو اليأس من التغيير؟ أم الخوف من نزول ساحة الإصلاح؟ أو الإنكار؟ أم الرضا بالواقع المزري؟ أم ما هو السر في هذا السكوت المفزع؟
صلى الله عليه وسلم المشكلة الكبيرة أن الوسيلة ربما الوحيدة التي يسلكها الكثيرون هي مجرد الكتابة في أي منكر يقع، وأنا أقول: الكتابة وسيلة، ولكن ينبغي ألا تكون الوسيلة الوحيدة، وينبغي أن ندرك أن من أعظم الوسائل أن ننزل إلى جمهور المسلمين، فنخاطبهم بمواعظ الله عز وجل، ونحرك قلوبهم بمواعظ القرآن والسنة، ونذكرهم بدينهم الذي يجب أن يكونوا أوفياء له، وعدوهم الذي يكيد لهم، والخطر المحدق بهم، ونبين لهم عملياً خطر مثل هذه الأشياء.
فمن كان منهم صاحب عقل نقنعه بالعقل، بأضرار هذه الأشياء، ومن كان منهم صاحب قلب، وعاطفة، وإيمان حركنا قلبه ليعرف الأضرار، ومن كان منهم صاحب مادة أقنعناه مادياً بأضرارها، ومن كان منهم صاحب سياسة أقنعناه سياسياً وأمنياً بمفاسدها ومخاطرها، فنحاول أن نخاطب جماهير المسلمين بذلك، وننشر الوعي بينهم.
كما أن علينا أن نناصح أولئك الذين تسابقوا إلى مثل هذا الأمر، من خلال المراسلة، من خلال أن نوصل إليهم بعض الكتب، وهناك كتاب للدكتور ناصر العمر اسمه البث المباشر حقائق وأرقام وهو كتاب مفيد جداً، وهناك أشرطة للشيخ ناصر العمر أيضاً، وشريط للشيخ عبد الوهاب الطريري حول هذا الموضوع، نرسله إليهم لعله أن يحرك في قلوبهم ساكناً، أو يحي هامداً.
نخاطب أيضاً العلماء، فنطالبهم بمحاولة الوقوف أمام هذا المد الكاسح، ومنعه بقدر المستطاع، نخاطب الخطباء فندعوهم إلى معالجة هذا الموضوع والتصدي له، نخاطب المسئولين والقائمين على الأمر، فندعوهم إلى منع استيراد، أو تصنيع، أو تركيب، مثل هذه الأشياء، وخاصة على سبيل العموم، ولكن على سبيل الخصوص في الأماكن العامة كالفنادق، والمستشفيات، والجامعات، وغيرها فإن الشر حينئذٍ يتعاظم ويتفاقم.