موعظة القرآن

الرابع من المواعظ: موعظة القرآن.

وهو كلام الله عز وجل الذي {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:42] وقال: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف:185] {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ} [الجاثية:6] والعجب في أمر الناس أن الإنسان ربما سمع كلام واعظ، أو داعٍ، أو قارئ، أو منشدٍ فانهلت دموعه! وربما يسمع كلام الله عز وجل فلا يحرك منه ساكناً! وربما يسمع أبياتاً من الشعر فتعجبه فيحفظها، ويطلب إعادتها، ويسمع القرآن فلا يهتز له وجدان! قال هارون الرشيد لـ ابن السماك وهو زاهد، واعظ، مشهور، قال: عظني، قال له: " كفى بالقرآن واعظاً، والله تعالى يقول: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} [الفجر:6-9] ".

فوعظه بموعظة قرآنية تناسب ما هو عليه، لأنه كان خليفة، فذكره بأحوال أهل التمكين والرياسة من قبله، وكيف صارت أمورهم إلى ما صارت إليه! ولهذا فالقرآن موعظة للجميع، هو موعظة للملوك، وبأحوال ما كان عليه الملوك من قبل، وما آلوا وصاروا إليه، وموعظة للسوقة، وموعظة للعلماء والجهال، وللأغنياء والفقراء، وللمُفْرِطِين والمفَرِّطِين، وللرجال والنساء، فهو جماع الخير، وأُسّه وأوله وآخره، وعلى طالب الهدى أن يقبل على القرآن الكريم فهو حبل الله الممدود، الذي من تمسك به نجا ووصل، ومن تركه هلك وانقطع.

يسأل كثيرون يقولون: نسمع المواعظ فما علاج فساد قلوبنا؟! يبدو أن أعظم هدية يمكن تقدم لهم أن يقال: اجعلوا للقرآن حظاً من أوقاتكم بمفردكم، وأقبلوا على القرآن، ورددوا آياته، وابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015