أيها الإخوة العقل، والقلب، والجسم تبع لهما، قابلان للطغيان والانحراف -كما أشرت- ومن حكمة الله عز وجل أن خلق الإنسان وابتلاه، فجعل أمامه طريق الخير والشر، فقال عز وجل: {إِنَّا خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً} [الإنسان:2] فلاحظ هذه الآية: {إِنَّا خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ} [الإنسان:2] حكمة الخلق الابتلاء، (فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً) فالعين ترى، والأذن تسمع، فإذا رأت العين، أو سمعت الأذن أرسلت إلى القلب، والى العقل، فتأثر القلب بما يرى وبما يسمع.
ثم قال سبحانه: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً} [الإنسان:3] من الناس من ينظر فيكون نظره طاعة، ومنهم من يكون نظره معصية، جعل الله -تعالى- في الكون أموراً متقابلة فأنت ترى في الدنيا كلها مغريات تحرك القلب إلى المعصية، الصورة الجميلة، والصوت العذب، والملذة العاجلة، التي ينهمك فيها صاحب النظر القصير، كلها من المغريات، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: {حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات} وفي لفظ: {حجبت} .