أنواع العمل المحمود

إذاً: اسمع يا أخي كلمةً ينفعك الله بها، هما علمان لا يضرك ما فاتك غيرهما: العلم الأول: علم ينفعك في الدار الآخرة، ويوصلك للجنة، ويباعدك من النار فهذا تشبث به وتمسك به.

العلم الثاني: علم ينفعك في الدنيا، إما زراعة، وإما صناعة، وإما طب، وإما هندسة، وإما غير ذلك مما تنتفع به أو تنفع به غيرك في الدنيا، أيضاً عليك بهذا العلم بقدر ما تحتاج أنت وبقدر ما يحتاج الناس، وإن أخلصت النية فأنت على خير عظيم وهذا جواب على سؤال.

أما ما سوى هذا وذاك فلا تشتغل به، فلان وعلان هذا طلع وهذا نزل، وهذا أصاب وهذا أخطأ ماذا ينفعك؟ قد تدخل الجنة وأنت لا تدري بكثير من هذه الأمور، بل قد تبلغ الدرجات العلا منها، وأنت لا تدري بهذه المشاكل، والقيل والقال، والأخذ والعطاء، والغادي والرائح، فأمسك، واترك كثيراً من الفضول التي يتشاغل بها الناس، وقد رأيت أن أكثر الناس يحبون التشاغل بالفضول.

المجريات، الأحداث التي حصلت، المشاكل، القضايا التي لا ينتفعون بها في دين ولا ينتفعون بها في دنيا، لو أنها تنفعهم في دنياهم قلنا: نعم، لكن لا تنفعهم في دنياهم، إنما هي إزجاء للفراغ، ونوع أحياناً مما يسمونه الترف الفكري، كثير من الشباب يأتونني ويسألونني، فأتأمل هذا السؤال الذي سألني عنه هذا الشاب، هل ينفعه؟ فأجده لا ينفعه في الدنيا ولا في الآخرة.

إذاً لماذا يسأل عنه؟ اشتغل يا أخي بعلم ينفعك في دينك، عبادة، دعوة، على الأقل علم ينفعك في دنياك: تجارة زراعة، أما هذه الأقاويل والأغاليط، والمسائل، والأمور، تقول: مثل ماذا؟ أقول: لا داعي للتمثيل، انظر أي سؤال تريد أن تطرحه هل هو ينفع في الآخرة؟ إذا كان لا، إذاً اتركه، ينفع في الدنيا، لا، أما إذا كان ينفعك في أُخراك أو في دنياك، فلا أحد يلومك على ذلك.

ولهذا تجد العالم الرباني يعتني بالعلم الذي له ثمرة، فيسأل عن ثمرة هذا العلم قبل أن يتشاغل بهذا العلم، مثلاً: لا يطرح مثل تلك الفرضيات التي ربما لا تقع إلى يوم الساعة، لا يتشاغل بالجدل -مثلاً- في مسائل محفوظة، وقد تكون مذكورة في بعض الكتب، لكن لا يحتاج إليها الآن بحال من الأحوال، مع أننا نجد أن هناك مسائل موجودة الآن لم يسأل عنها، ولم يتشاغل بها، ولم يبحثها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015