الفرق الرابع: هو الاختلاق والتباين في الحقوق: فمثلاً هناك حقوق إسلامية لم ترد في الإعلان -كما أسلفت- مثل حقوق اليتامى، وحقوق الجيران، وحقوق ضعاف العقول، وحق الميراث، وحق العفو إلى آخره.
هناك أشياء منعها الإسلام مثل حق تغيير الدين، ففي حقوق الإنسان العالمية -ومع الأسف أنها موقع عليها دولياً من كل دول العالم- يحق للإنسان أن يختار الدين الذي يريد ويغير دينه كيف شاء، وأعتقد أن حقوق الإنسان حين أعلنوا هذا قصدوا من ورائه إتاحة الفرصة للمسلم أن يرتد عن دينه؛ لأنهم يعلمون أن المسلمين اليوم في فترة ضعف واستضعاف، وأنهم يخضعون لمشاكل كثيرة، وأن الغرب بيده القوة والتمكين والحضارة والتسلط والإغاثة والمساعدات الإنسانية والمنظمات الدولية والصليب الأحمر إلخ، كل هذه أدوات في أيدي الغرب الصليبي النصراني يستخدمها ضد المسلمين.
فالمسلم اليوم يتعرض لابتلاء وفتنة في دينه، وليس سراً أن نقول: إن هناك قرى بأكملها قد تحولت من الإسلام إلى النصرانية وذلك في أكثر من بلد إسلامي، في أفريقيا، وفي إندونيسيا، بل وفي بعض البلاد العربية أصبح تحول المسلم إلى النصرانية أمراً مسموحاً به قانوناً، وأمراً واقعاً من الناحية العملية، على الأقل يتخلون عن دينهم طمعاً في المال، أو رغبة في الشهادة.
إذاً النصارى لا يستحون أن يستغلوا الكوارث والظروف والأزمات الاقتصادية والنكبات التي تمر بها الشعوب لكسب المزيد من الأنصار والضغط على الناس لتغيير دينهم، وهم اتخذوا في ذلك ذريعة هي عبارة عن فقره في القانون الدولي لحقوق الإنسان تبيح وتسمح للإنسان أن يغير دينه، لكن لو وجدوا نصرانياً تحول إلى مسلم لأقاموا الدنيا وأقعدوها، وتكلموا عن ذلك وقالوا: هذا نتيجة ضغوط، ونتيجة إرهاب، ونتيجة تخويف إلى غير ذلك من الأسباب.
أما في الإسلام فلا يحق للمسلم أن يغير دينه، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري: {من بدل دينه فاقتلوه} والفقهاء متفقون على قتل المرتد إلا أبا حنيفة فإنه يرى: أن المرأة تسجن حتى ترجع إلى دينها أو تموت، وقد حدث أن معاذ بن جبل عندما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وأبا موسى الأشعري وجد رجلاً قد أسلم ثم رجع إلى اليهودية، فأقاما عليه الحد وقتلاه بمحضر من المسلمين، والقصة أيضاً في صحيح البخاري.
أيضاً من الفوارق: الفارق بين الرجل والمرأة:- فإن الإسلام أعطى للرجل حقوقاً ليست للمرأة، وأعطى المرأة حقوقاً -أيضاً- ليست للرجل، فلا يتحول الرجل في شريعة الله إلى امرأة، ولا المرأة إلى الرجل، بل كل إنسان له حقوق، كما قال الله تعالى: {وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء:32] .
وهذا القانون الغربي لحقوق الإنسان يرفض اعتبار الدين أساساً للتمييز بين الناس، ويقول: يجب أن ننظر إلى الأديان كلها على حد سواء، ولكننا نجد أن لبنان -مثلاً- كبلد مسيحي أو نصراني في بلاد عربية يشترط أن يكون رئيس الجمهورية فيه نصرانياًَ، وهذه هي الطائفة السياسية بعينها، لكننا نجد في مقابل ذلك أن دولاً أفريقية كثيرة غالبية سكانها من المسلمين ومع ذلك تكون محكومة برئيس نصراني دون أن يكون هناك نكير في ذلك.
نقطة أخيرة في ذلك أيضاً في الفارق بين إعلان الإسلام وإعلان الأمم المتحدة هو أن المساواة في الإسلام حق صحيح، ولكن المساواة لا تعني إلغاء الفوارق الطبيعية والفوارق الشرعية، فالرجل -كما أسفلت- مع الرجل متساوٍ، والمرأة مع المرأة، ثم الرجل مع الرجل -أيضاً- لا يعني التساوي في كل شيء، فالعامل يتساوى مع نظيره، والموظف يتساوى مع مثيله، والطالب مع مثيله، وهكذا.