إهمال وضع المرأة

ومن جهة خامسة: فنحن نجد أن كثيراً من الدعاة إلى الله عزَّ وجلَّ، وطلاب العلم، والغيورين قد أهملوا وضع المرأة، فإنهم لا يكادون يخاطبون المرأة إلا قليلاً، ولا يتحدثون عن مشكلاتها إلا في أقل القليل، مع أن الوسائل ممكنة -بحمد الله- خاصة في مجتمعنا هذا، فإننا نجد -مثلا- أن جهاز تعليم البنات، جهازٌ يقوم عليه نخبة من أهل الخير والصلاح، وأن المرأة لا زالت تتعاطف مع نداء الحق والإسلام، وأن مخاطبتها من خلال الوسائل، والأشرطة، والكتب، وغيرها أمر ممكن وسهل في هذا الوقت، وأيضاً تجد كثيراً من الأولياء وأهل الخير والصلاح لا يحاولون أن يراقبوا وضع المرأة، مع أننا نجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يراقب تصرفات عائشة رضي الله عنها، وفاطمة، وغيرهن من المؤمنات والمسلمات، ولم يكن يعيب واحدةً منهن أن يقول لها الرسول صلى الله عليه وسلم: أين كنتِ؟ وأين ذهبتِ؟ ومرَّة من المرات: خرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المقبرة ليزور أهل البقيع، ويستغفر لهم، ففقدته عائشة، فخرجت خلفه، فلما رجع صلى الله عليه وسلم رأى سوادها أمامه ولم يعرفها، فلما جاء إلى الفراش، وجد نفسَها مرتفعاً، فقال لها: {يا عائشة، ما لي أراكِ حشيا رابية؟ -لماذا ارتفاعُ نَفَسِك؟ - هل أنتِ السواد الذي رأيتُ أمامي؟ قالت: نعم، يا رسول الله، مهما يكتم الناس يعلمه الله، فلَكَزَها صلى الله عليه وسلم بيده، وقال لها: أخشيتِ أن يحيف الله عليك ورسوله} .

وهذا الحديث في: صحيح مسلم وغيره.

ومرة أخرى: رأى الرسولُ صلى الله عليه وسلم بنتَه فاطمة قد جاءت إلى البيت، وكان قد مات رجل من الأنصار، فقال لها: {يا فاطمة، من أين جئتِ؟ قالت: يا رسول الله، ذهبتُ إلى أهل هذا الميت أعزيهم في ميتهم، فقال عليه الصلاة والسلام: لعلكِ بلغتِ معهم الكدى -وهو: موضع قريب من المقبرة- قالت: كلا، يا رسول الله قال: لو بلغتِ معهم الكدى، ما دخلتِ الجنة حتى يدخلها جدُّ أبيكِ أو: ما رأيتِ الجنة حتى يراها جدُّ أبيكِ} .

ولم يَعِب عائشة وفاطمة وغيرهما من المؤمنات أن يسائلها الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يَعِيب المسلم ولا المسلمة أن يكون بينهم مناقشة ومراقبة، فمن حق المرأة أن تسأل زوجها، أو تسأل أخاها الأصغر: أين ذهبَ؟ إن كانت لا تثق بذَهابه، ومن حق الرجل أن يراقب المرأة في جميع تصرفاتها أيضاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015