أيضاً أخت ثالثة تحدثت عما ورد في بعض الأشرطة والدروس، كشريط: طبيعة المرأة بين السلب والإيجاب وغيره، وحول موضوع الموضة وما يتعلق بها.
وأذكر مرة أخرى رأيي باختصار في هذا الموضوع، فأقول: هناك فرق بين فتاة تتابع الموضة أولاً بأول، وتتابع التسريحة، كلما صدرت مجلة في الأزياء، أو ما يسمى بالبردة، اقتنتها وأخذت منها الجديد، وتجد أنها يوماً تقلد الشرق ويوماً تقلد الغرب، وتتابع عروض الأزياء بكل دقة وعناية، حتى كأنه لا هم لها إلا خياطة الثياب، وتفصيلها، واقتنائها ومتابعة الموضة، فهذا لا يشك عاقل في أنه محرم لأسباب: 1- أهمهما وأعظمها أنه صورة واضحة من التشبه بالمشركين، وقد روى أبو داود وأحمد وغيرهما عن ابن عمر بسند جيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {ومن تشبه بقوم فهو منهم} كما نهى الله تعالى عن التشبه بأهل الكتاب بقوله عز وجل: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد:16] أخذ بعض المفسرين وبعض أهل العلم من الآية النهي عن التشبه بأهل الكتاب من اليهود والنصارى، وهذا من أصول الدين العظيمة التي تكلم عنها العلماء، ولعل أهم كتاب ألف في هذا الباب هو الكتاب العظيم اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم للإمام شيخ الإسلام أبي العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى فكون المسلم أو المسلمة لا هم له إلا معرفة الجديد في عالم الموضة، أو في عالم التسريحات، أو في غيرها، ومتابعة دور الأزياء الغربية، التي كثيراً ما يقف وراءها اليهود، ثم يلاحق ذلك أولاً بأول، لا شك أن هذا فيه تشبه بهم أولاً.
2- ثم إن فيه من شغل الوقت، والقلب، والعقل، وضياع العمر، ما يقطع معه المدرك بأنه من أول وأول ما يدخل في باب المحرمات، هذه مسألة.
لكن هناك مسألة أخرى تختلف عن ذلك اختلافاً كبيراً، هناك فتاة صالحة وجدت تفصيلاً لثوب بشكل معين، فأعجبها هذا التفصيل، ثم أجرت عليه التعديلات الشرعية، فإن كان قصيراً طولته، وإن كان ضيقاً وسعته، وإن كان فيه فتحة كبيرة صغرتها، وإن كان بلا أكمام وضعت له الأكمام، ثم خاطت على هذا النمط فهنا لا أستطيع أن أقول: إن مثل هذا العمل ممنوع، بل هو في رأيي مباح، شريطة أن لا يكون هذا ديدنها، وعادتها التي تركض وراءها كما أسلفت في النقطة الأولى.