ولقد لاحظوا أن المسلم خاصة في هذه المناطق يصعب خروجه من الإسلام، وأن المسلمين لديهم كثافة عددية كبيرة, وفي البيت الواحد تجد عشرة أو خمسة عشر من الأطفال، ولذلك أدركوا أنه لا بد من السعي إلى تقليص أعداد المسلمين بكل وسيلة، فهم يشعرون أن المسلم من الممكن أن يستيقظ ولو بعد حين، وشعارهم: لا تثق في المسلم ولو أعطاك كل شئ، ولو كان علمانياً، ولو مد لك عربون الولاء والطاعة؛ لأنه قد يتغير عليك يوماً من الأيام، وما يتوقعونه هو في نظري معقول إلى حد ما، لأننا نجد أن أحداث البوسنة والهرسك مثلاً قد أيقظت الكثيرين إلى الخطر النصراني.
وقد سمعت تقريراً عن تركيا يقول فيه أحد كبار المسئولين فيها -وهي دولة علمانية كانت تستحي من أي شئ يمت إلى الإسلام بصلة-: إنه يعترض على سياسة الغرب في العراق، ومحاولة تدخله في العراق، وأن الغرب يكيل بمكيالين ويزن بميزانين، وأنه يتعامل بسياسة مزدوجة، فلماذا يتدخل الغرب الآن لحماية الشيعة في العراق، ولا يتدخل لحماية المسلمين في البوسنة والهرسك؟! فهذا ما قالته تركيا وهي دولة علمانية.
وهكذا نجد أن كثيراً من الصحفيين في مصر، بل في الكويت، بل في هذه البلاد وفي غيرها، أصبحوا يتكلمون عن الخطر النصراني القادم بسبب ملاحظتهم لأحداث البوسنة والهرسك والغموض في الموقف الغربي بل البرود، وبدلاً من أنهم أثاروا هنا قبل سنتين عاصفة الصحراء لتحرير الكويت، فهناك أثاروا عاصفة الكلام والجعجعة التي لا تخرج منها بطائل.
إذن هم يلاحظون الكثرة العددية للمسلمين، وأنه لا بد من تقليص هذا العدد، وفي مجلة اليمامة عدد (1110) ذكروا أن الجمعيات التنصيرية توصي الأطباء -وهذا ينبغي أن يكون موضع اهتمام- النصارى القائمين على توليد النساء بأن يحرصوا على أن تكون الولادة من خلال عملية قيصرية، وذلك حداً للتكاثر لئلا تتمكن المرأة من ولادة أكثر من أربعة أطفال؛ لأنه بالعملية القيصرية لا يمكن المرأة من ولادة أكثر من أربع مرات، وهذا العمل بعينه يفعله الأطباء النصارى في مستشفياتنا، فمتى يفيق أولئك الذين يجعلون الرجال -بل والرجال النصارى قائمين على توليد نساء المسلمين في هذه البلاد؟ ويتصورون أن هؤلاء الرجال علمانيون لا يعنيهم أمر النصرانية في شيء؟ ومتى يفيق الآباء والأولياء والأزواج الذين يحرصون على تحفيظ زوجاتهم وتسترهن، فإذا ذهبت إلى المستشفى أهملوها وتركوها ونسوا أنها تنكشف تماماً حتى عورتها أمام رجال أجانب، وأمام رجال في كثير من الأحيان من النصارى؟!! أما المسئولون عن الصحة خاصة في هذا البلد، فلا أتحدث عنهم لأننا جربنا أن تجاوبهم لا يتعدى ابتسامات صفراء بلهاء في منتهى البرود، وليس هناك أي تغيير، بل على النقيض من ذلك، ففي الوقت الذي نجد فيه مضايقة لبعض الممرضات المسلمات، نجد أن بعض الشباب من هذه البلاد يتم نقلهم من المستشفى إلى مستوصفات بعيدة ونائية بل أحياناً إلى مستوصفات لم تفتح بعد لا لسبب إلا لأنهم ملتحون.
ونرجع إلى موضوع تقليص أعداد المسلمين: إن هذا التقليص لأعداد المسلمين يعتمد على مبدأ أن التنصير والتعميد صعب، وأن النصارى سوف يخوضون مع المسلمين معركة مستقبلية يسمونها معركة هرمجدون وهي المعركة بين الحق والباطل -المعركة الفاصلة- ولهذا لا بد من التفكير بتقليص عددهم، فكيف يكون؟ يكون بتقليص العدد من خلال إغراء المسلمين بتحديد النسل أو بتقليل النسل، ويكون تقليص أعداد المسلمين من خلال إلغاء عقود بعض المسلمين واستبدالهم بالنصارى، ويكون ذلك من خلال تعقيم أرحام النساء، كما ذكرت من خلال بعض العمليات القيصرية، بل يكون أحياناً من خلال إجراء عمليات وقتل المسلم فيها على الأقل على سبيل اللامبالاة، وهناك حالات كثيرة تجد أن النصارى لا يبالون بالمسلم، فيموت بين أيديهم نتيجة الإهمال على أقل الأحوال، وتجده هندوسي أو نصراني أو بوذي أو ما أشبه ذلك.
ويكون تقليص المسلمين من خلال العمل على القضاء عليهم بالقتل، فالمعركة العسكرية واردة في اعتبار النصارى، ولذلك قارن الدكتور: استيفر رانسمان في التقرير التنصيري (إزهار مؤقت في الصحراء) بين جهود المنصرين في الخليج وبين الحروب الصليبية، وقال: إن الحروب الصليبية لم تصنع شيئاً يذكر، أما الجهود التنصيرية فهي أكثر نجاحاً، وهذه المقارنة تدل على أن مسألة ما يمكن أن نعبر عنه بالتصفية البدنية والجسدية للمسلمين واردة في قاموس النصارى وفي اعتبارهم.