أيضاً من صور الممات لله رب العالمين: أن يموت الإنسان وقلبه معلق بفعل الخير ومحبته ومحبة أهله، والخوف على الإسلام والمسلمين والإشفاق عليهم، أي: أن يموت الإنسان وقلبه يتحرك ساعة موته بقضية الإسلام والمسلمين- وهذه علاقة درس هذه الليلة بدرس المجلس السابق- أي: أن يكون هم الإسلام في قلبك حتى وأنت تلفظ آخر أنفاسك على سرير الموت، هذا أيضاً من صور الممات لرب العالمين، مشاعر الموت هي هي، المسلم والكافر تنزل بهم الأحزان والمصائب، ينزل بهم الخوف والأمور التي يرهبونها ويكتئبون منها، فالمشاعر هي هي، لكن شتان بين من يكون شعوره إشفاقاً على الإسلام والمسلمين وحباً لهم ورغبة في لقاء الله تعالى، وخوفاً من ذنوبه، وبين من يكون بضد ذلك.
ألم تعلم -يا أخي الحبيب- أن ساعة الموت إنما هي تلخيص للحياة الطويلة، أربعون أو خمسون أو ستون سنة قضيتها على ظهر هذه الدنيا تلخص لك في ساعة أو ساعتين وأنت على سرير الموت {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت:46] .
ملخص موجز دقيق لا يختلف عما تعيشه في هذه الدنيا، فالإنسان يموت على ما عاش عليه، ولا تتصور مثلاً أن المؤمن الذي قضى حياته مؤمناً صادقاً عابداً قانتاً لله عز وجل مجاهداً في سبيله أنه يموت منحرفاً عن سواء السبيل، ولا تتصور أيضاً أن الذي قضى حياته منافقاً مخالفاً لله ورسوله عاصياً مجاهراً مضاداً للإسلام محارباً له، أن يموت وينطق بـ (أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) .
فالإنسان غالباً يموت على ما عاش عليه، والله تعالى على كل شيء قدير، والخواتيم بيد الله عز وجل، والأعمال بالخواتيم، لكن الغالب كما قرر ذلك أهل العلم كـ ابن القيم وغيره وهو الظاهر من النصوص الشرعية؛ أن ساعة الموت هي تلخيص أمين دقيق لما يكون عليه الإنسان في حالة حياته.