اختلاف الجماعات وعدم التنبيه على الأخطاء

السؤال يقول: بعض إخواننا في الله ينفرونا من بعض إخوانهم؛ لأنهم ليسوا ينهجون مسارهم مع العلم أنه يوجد عليهم بعض الأمور التي تخالف الكتاب والسنة ولا يريدون من يذكرها لهم؟

صلى الله عليه وسلم أولاً: تحدثت البارحة في محاضرة (الصحوة الإسلامية بشائر ومحاذير) عن قضية الاختلاف، ولا أريد أن أعيد ما قلته، فبإمكان الأخ السائل أن يسمع ما ذكرته من ملاحظات حول هذه النقطة؛ لكنني أشير الآن إلى مسألة من يوجد عندهم أخطاء لا يريدون من يذكرها لهم، لماذا؟ لا شك أن الشيطان مسلطاً على ابن آدم، لكن هناك سبب قد يوجد، وهو أن بعض المصلحين الذين يحاولون التنبيه على بعض الأخطاء قد يستفزون الإنسان، ويستثيرون عناده وغضبة وعناده بالطريقة التي يأمرونه بها، فمثلاً أنا عندما أرى عليك خطأ، وآتيك وأقول لك: يا أخي! الله يهديك أنت وأصحابك فيكم كذا وفيكم كذا وفيكم كذا، يا أخي: لماذا وأنتم دعاة وتدعون أنكم صالحون؟! هنا كأنني أقول لك: إياك أن تسمع مني، إياك أن تتقبل مني ما أريد، كأني استثير عوامل التحدي والخصومة والعناد لي، وهذا ليس أسلوباً، حين تريد أن تنبه إنسان على خطأ موجود لديه تسلل إلى قلبه بطريقة هادئة، ابحث عن حيلة توصل هذا الخير بقدر ما تستطيع، لأنه ليس قصدك أن تتسلط على الناس أو يظهر أن الحق معك والباطل معهم، أو أن عندك وليس ما عندهم، هذه الأمور كلها مستبعدة، أنت قصدك أن يهتدي الناس إلى الطريق المستقيم، وأن يزول الخطأ فبأي طريقة زال الخطأ، فالحمد لله فهذه مسألة مهمة جداً.

وبالمقابل الإنسان الذي يوجد عنده خطأ عليه أن يخاف الله جل وعلا، يا إخواني! الواجب علينا أن نراجع أنفسنا، يا إخواني! والله إن المسألة أمانة ومسؤولية، الدين أمانة، والدعوة إلى الله عز وجل أمانة، ومن غير المعقول أن أصر على أموري، أو على آرائي، كل واحدٍ منا يخطئ، ومراجعة الإنسان لنفسه من الكمال وليست من العيب، كون الإنسان يراجع الأمور التي هو عليها، الآراء، السلوكيات، بعض الأخطاء، ويكتشف أنه فعلاً تصرف تصرفاً غير مناسب، وقلت كلمة غير مناسبة، وتبنيت أنا غير مناسب والله إن هذا من الكمال، ولهذا تجد الرجال الذين عندهم ثقة بأنفسهم لا يستحي الواحد منهم أن يقول: أنا أخطأت في المسألة الفلانية، وأرجع عنها، بل بعضهم كانوا يرسلون الناس يصوتون في الأسواق، أن العالم الفلاني رجع عن هذا القول، لكن إنسان عنده ضعف وعدم ثقة بنفسه يعتبر أن اعترافه بالخطأ أو رجوعه عنه يعني تنقصه، فينبغي للمؤمن أن يكون هنياً بأيدي إخوانه، فحين ينهى إلى خطأ لا يستحضر في ذهنه أن الطرف الآخر يتحدث وأنت تعد العدة حتى تستغل سكوته لترد عليه، انظر! ليس بالضرورة أن يكون معه الصواب (100%) يمكن أن يكون معه (10%) أو أقل أو أكثر، خذ هذه (10%) وتقبلها، فإذا تقبلت (10%) لا مانع أنك ترد (90%) حينئذ، لأنه يمكن أن يتقبلها، لكن حين ترد كل ما قال قد يقول: هذا الإنسان إنسان معاند ومصر وعنده أشياء ما عنده استعداد التخلي عنها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015