مراعاة المصالح والمفاسد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

Q لقد سبق أن سمعنا لك دروساً خاصة بموضوع إنكار المنكر، ولنا بعض الاستفسارات، كما لا يخفى على أحد أن المجتمعات النسائية في عصرنا الحاضر مليئة بالمنكرات واللغو، وما إلى ذلك من الأمور المضيعة للوقت، والتي لا تتناسب مع ديننا الحنيف، وبالتالي فالدعوة في هذه المجتمعات تحتاج إلى جهد وعلم كبير، والسؤال هو: هل ينبغي للمرأة المسلمة التي تدعو في تلك المجتمعات أن تخالط نساء هذا المجتمع لكسب قلوبهن، وبالتالي يمكن أن يتقبلن منها أية دعوة، هذه مصلحة للدعوة ولكن يترتب عليها مفسدة؛ وهي أنها ستضطر أن تسكت أمام بعض المنكرات التي تراها في سبيل التدرج في الدعوة، فأرشدونا -جزاكم الله خيراً- إلى الطريق الصحيح للدعوة في تلك المجتمعات؟

صلى الله عليه وسلم نعم، كما ذكرت الأخت السائلة أو الأخ السائل، سبق أن تحدثت عن هذا الموضوع أكثر من مرة، وعلى كل حال فمراعاة تحقيق المصلحة في موضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مطلوبة، ومن ذلك أنك لو رأيت إنساناً عنده مجموعة من المنكرات قد لا يكون من المناسب أن تبينها له دفعه واحدة، لأن معنى ذلك أن الإنسان لن يتقبل منك، وسيقول لك: معنى ذلك أنني تحولت إلى مجموعة من الأخطاء والرذائل، فقد يكون هذا مدعاة إلى ألا يقبل منك شيئاً، ولذا فالتدرج مطلوب، وفي الصحيحين من حديث ابن عباس أن الرسول صلى الله عليه وسلم حين بعث معاذاً إلى اليمن قال له: {إنك تأتي قوماً أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقه تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب} .

فعلم بذلك أن التدرج في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مطلوب، فلو رأيت عند إنسان مجموعة من العيوب فعليك أن تتدرج معه في الأمر، وتبدأ بالأهم منها على ألا تهمل الآخر، بل تنتظر الفرصة المناسبة لنهيه عن هذا المنكر أو لأمره بذلك المعروف الذي قصر فيه، كما أنه لا بد من التلطف في أمره.

فمثلاً: لو كنت تستطيع أن تقيم علاقة مع هذا الإنسان بحيث توجد هناك مودة بينك وبينه ثم تبدأ معه كان هذا أفضل؛ لكن قد تجد إنساناً فتقول: والله قد لا ألقاه يوماً من الأيام وليس لي به هذه العلاقة، وترى أنه من المناسبة أنك تبلغه فتتحدث معه في أهم شيء تراه عليه، ولو تركت ما سوى ذلك مراعاة للمصلحة، والله سبحانه وتعالى أعلم بما في قلبك من أنك منكر له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015