العلاج النبوي

قال حفظه الله: أيها الإخوة! المتحابون في جلال الله؛ إلى الإخوة الأخيار الأغيار: العلاج الحقيقي لقالة السوء التي فشت وآذت فأصمت الآذان، وزكمت الأنوف، ولا زالت ينفخ في كيرها كل ملفوج الشفة مر اللسان، إن العلاج الحقيقي لها يكون من خلال التعامل معها بالأسلوب النبوي، وإليك هو باختصار: عاد النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة بني المصطلق، وفي مسيره ذلك ألقى رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول قالة سوء وقحة، قال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل؛ ويعني بالأعز: نفسه، وبالأذل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسرت قالة السوء في الجيش، فلما سرت تعامل معها رسول الله صلى الله عليه وسلم تعامل النظامي تعامل المجرب المحقق، فماذا عمل؟ لقد أشغل الجيش بالسرى فما أن سمع بالمقالة حتى آذن الجيش بالرحيل في ساعة ما كان يرحل فيها، فسار بهم نهارهم كله، ثم سرى بهم الليل كله، ثم مشى بهم يومه ذلك حتى آذتهم الشمس وأضناهم المسير، وأجهدهم السير، فما إن وقف بهم فلمسوا الأرض حتى سقطوا على الأرض سقوط الجدر، فلم يبق لقالة السوء مساغ في هذا الجيش الذي قطع ليله بالسرى ولا في هذا الجيش الذي ألقي على الأرض مجهودا، نحن بحاجة إلى هذا العلاج النبوي نتعامل به مع قالة السوء، إذا فشت وحاول الموّتُور إذكاءها، نتعامل مع قالة السوء بالسرى، السرى في حفظ القرآن العزيز، في حفظ الإرث النبوي الكريم، السرى في تَفْلِيَةِ المسائل العلمية، وكد الأذهان في تحصيل الفقاهة الشرعية، السرى في مكافحة الفساد وتطهير المجتمع، السرى في أعمال الدعوة والدلالة على الخير، السرى، خير ما يشغل عن قالة السوء، ويقضي عليها ويميتها.

إذاً فليتذكر كل منا أن عليه أن ينصرف لما هو أجدى، وأن يعرض عنه قالة السوء صفحا، وأن نتذكر جميعا أن هذه القالة التي فشت إنما هي زوبعة ستمر وتنتهي حتماًَ، لأن الذين يذكونها بلا قضية، ثم هذه القالة من أتعب فيها نفسه، وكد ذهنه، وأفنى جهده، يفتح يده فلا يجد فيها إلا قبض الريح، ويلتفت يمنة ويسرة فإذا الذين أعرضوا عنها يوم كان بها مشغولاً قد حصّلوا من الخير ما حصلوا، وحازوا من الخير ما حازوا أما هو فرجع بالصفقة الخاسرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015