فمن خصوم السنة -مثلاً- الذين يشككون في السنة تشبثاً بوجود أحاديث ضعيفة أو موضوعة, بعض الناس -مثلاً- يشكك في أن هذا الأمر الذي تخبرنا به وتدعونا إليه من السنة, وقد يشكك في أشياء ثابتة وصحيحة، وقد تكون متواترة أحياناً.
ولذلك إنني أقول: إن من نعمة الله جل وعلا على هذه الأمة، أن قيض لها الإمام البخاري والإمام مسلم حيث صنفا الصحيحين, بحيث تقول لكل إنسان: يا أخي عندك صحيح البخاري وصحيح مسلم كل ما فيهما فهو صحيح, وهذا لمن لا توجد عنده قدرة على مراجعة الأسانيد والرجال والصحيح والضعيف: فهو يريد أشياء جاهزة فإذا كنت تريد أشياء جاهزة؛ فعندك الصحيحان، عض عليهما بالنواجذ، وفيهما خير كثير للإنسان الذي لا يستطيع أن يتوسع في معرفة السنة ودراستها.
ولذلك لا يدرك فضل الصحيحين إلا أمثالنا في مثل هذا العصر, بل ربما كان بعض العلماء المتقدمين ينتقدون البخاري أو مسلم على تأليف الصحيح, ويقولون: لماذا تؤلف الصحيح؟ كما نقل عن أبي زرعة، أنه انتقد مسلم على أنه جمع الصحيح فقط, لكن المتأخرين عرفوا نعمة الله تعالى على هذه الأمة، حين قيض الإمام البخاري ومسلم للتصنيف في الحديث، بحيث أنه بعدما فترت الهمم وضعفت أصبح في متناول جمهور الناس صحيح البخاري وصحيح مسلم يقرءونهما، ويقبلون ما فيهما، باعتباره صحيحاً، أجمعت الأمة على قبوله وأخذه, وقد تلقت الأمة ما في صحيح البخاري وما في صحيح مسلم بالقبول على سبيل الإجماع.
فمن أعداء السنة من يشككون فيها؛ تشبثاً بوجود أحاديث ضعيفة أو موضوعه في بعض دواوين السنة ومصنفاتها.