الدعوة إلى السنة

من واجبنا تجاه السنة، بعد أن عرفنا السنة وعملنا بها، أن ندعو الناس إليها -كما أسلفت- وهذه الدعوة تكون في إطارها الطبيعي, بحيث ندعو إلى السنة وندعو إلى غير السنة, أي: ندعو إلى السنة وندعو إلى الواجب.

بعض الشباب -أحياناً- قد يدعو إلى السنة ويغفل عن الواجب, فربما يرى إنساناً مرتكباً للكبائر والموبقات، من أكل الربا، وأكل الحرام، وارتكاب الفواحش والعظائم، وهو في نفس الوقت مخل ببعض السنن, فينبهه إلى السنة ويغفل عن الواجب, ولا شك أن الأولى أن تبدأ بالواجب وهذا الذي تقتضيه الحكمة بأن تدعوه إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة, كيف تعالج الجرح والرأس مقطوع؟! هذا لا يكون, فهناك إنسان يسعى إلى اجتثاث الشجرة من أصلها, وآخر يعبث بورقها, ليس من الحكمة أن تمنع الذي يعبث بالورقة وتترك الذي يعبث بالجذور أو يسعى إلى اجتثاثها، إذا كان هناك تعارض؛ فلا بد من تقديم الواجب ثم السنة.

ومن واجب السنة علينا -بعد ذلك- أن نصبر على ما سبق, نصبر على تعلم السنة, فإن تعلم السنة لا يمكن أن يتم بين يوم وليلة, ونصبر على العمل بالسنة.

فإن بعض الناس قد يعمل بالسنة لكن إذا طال به الوقت مَلَّ وبرد, وذلك لأن الإنسان بطبيعته، أنه أول ما يعرف الشيء يكون نشطاً في تطبيقه، فإذا طالت عليه الأيام والليالي؛ فإنه يفتر شيئاً فشيئاً حتى ربما لا يعمل.

الصبر على الدعوة إلى السنة, فإن بعض الناس إذا عرف السنة قد يدعو إليها فإذا وجد من الناس الإعراض والصدود؛ مَلَّ وترك هذه الدعوة, فلا بد من الصبر على هذا كله.

ولذلك الصبر من أهم أخلاق الإسلام, وقد أمر الله عز وجل به حيث قال: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر:3] ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم -كما في صحيح البخاري وغيره: {ومن يتصبر يصبره الله وما أعطي أحد عطاءً خيراً وأوسع من الصبر} كثير من الناس يعملون ولكنهم يملون, فسرعان ما يتخلون عن هذه الأشياء التي عملوا بها فترة، ثم تركوها إلى غيرها.

فلينتبه الشاب إلى أنه يجب أن يصبر على كل هذه الأشياء, اصبر على تعلم السنة ولا تظن أنك بين يوم وليلة سوف تصبح عالماً يشار إليه بالبنان, واصبر على العمل بها؛ فلا يؤثر فيك الزمن بروداً وقسوة قلب.

واصبر على الدعوة إليها, فلا تفتر إذا رأيت كثرة المخالف والمناوئ والمنافي, واصبر على الصبر -أيضاً-, فالصبر يحتاج إلى صبر, والإنسان قد يصبر فترة ثم يمل من الصبر فلا يصبر, فلا بد من الصبر حتى على الصبر نفسه.

هذه بعض واجباتنا تجاه السنة أرى أن الوقت قد اقترب, ولذلك أنتقل إلى النقطة الأخيرة وأشير إليها باختصار، وإن كانت من الأشياء المهمة في نفسي, لكن لعلي مررت على بعض ما أريد أن أقوله فيها وهي: الحديث عن بعض الطرق والوسائل في نشر السنة النبوية بين الناس: من الوسائل في نشر السنة بين الناس ما يتعلق بالسنة التي ليست بواجبة بالدرجة الأولى، وكذلك السنن الغريبة, أما الواجبات فالوسائل لها كثيرة, وكذلك الأشياء المعروفة، التي يعلم الناس أنها سنة ليس هناك إشكال, الإشكال كثيرا ما يقع في بعض الأشياء التي هي سنن ليست واجبة، وهي في نفس الوقت غريبة وغير معروفة عند الناس, فتثير بينهم استنكاراً وتساؤلاً ونفوراً.

من الوسائل في نشر السنة:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015