التهويل من السنة

ومن أعداء السنة من يهونون من السنة؛ بحجة أن السنة قشور، فبعض الناس يقول لك: إن الأمة المسلمة مشغولة بأشياء كثيرة، الأمة المسلمة تعاني أزمات اقتصادية، وأزمات سياسية، وأزمات حضارية، والأمة الإسلامية تعاني كذا! وفي أفغانستان كذا! وفي الفلبين كذا! وفي بلاد الشام كذا! وفي فلسطين كذا! ويظل يعطيك قائمة بالأزمات والمصائب النازلة بالأمة، وهذا لا شك أنه صحيح، فالأمة الإسلامية تعاني اليوم مشاكل كثيرة جداً, لكن هل هذه المشاكل التي تعانيها الأمة تنحل إذا قلنا اترك الكلام عن السنة والدعوة إلى السنة؟! كلا, بل إن من أعظم المشاكل التي تعانيها الأمة، الإعراض عن السنة قولاً وعملاً واعتقاداً, بل إننا نجزم جزماًَ بأن الدعوة إلى السنة قوليِّها وفعليِّها واعتقاديِّها هو بإذن الله الحل للأمة من جميع المشكلات التي تعانيها.

فهل إذا تركنا السنة وتركنا الناس يفعلون ما يشاءون -مثلاً- في ثيابهم وفي شعورهم وفي صلاتهم؛ تنحل أزمة المسلمين في الفلبين؟ أو في أفغانستان؟ أو في بلاد فلسطين؟ أو في غيرها؟!! سؤال آخر: هل الذين يعملون بالسنة ويدعون إليها قد أهملوا قضايا المسلمين؟ لا, الواقع أن المسلم يستطيع أن يعلم السنة ويعمل بها ويدعو إليها, حتى تفاصيل السنة في الملبس والمأكل والمشرب وغيرها, ومع ذلك يستطيع أن يكون نصيراً لإخوانه المسلمين في كل مكان, ونصيراً لقضايا المسلمين في كل مكان, ومدركاً للأوضاع التي يعيشها المسلمون، عاملاً على حلها وإزالتها.

وهذا من التكامل الذي يقضي على الخلافات الموجودة بين المسلمين, بحيث يأخذ كل إنسان بطرف ويهمل ما عداه, فالدعوة إلى إهمال السنة بحجة أنها قشور، غلط كبير, وتقسيم الدين إلى قشر ولب، هذه بدعة لا أصل لها, لأن الدين كله من عند الله.

فمثلاً راتبة الفجر سنة, ولو أنكر إنسان راتبة الفجر؛ لكان منكراً لأمر متواتر, وربما يقاتل على تركه, يقاتل الناس إذا امتنعوا وأصروا على تركه, كما نص على ذلك أهل العلم, فالسنة من الدين ولا يمكن أن يهون من شأنها أو يقال: إنها قشور! وليس في الدين قشر ولب, بل الدين لبابٌ كله.

من أعداء السنة: الساخرون بها وبأهلها من الدهماء والعوام وغيرهم, فإننا نجد قطاعاً كبيراً من الناس سواء من العامة, أم من المثقفين ثقافة غربية, أم من البعيدين عن العلم الشرعي من يسخرون بالسنة وبأهلها, جهلاً منهم بالسنة، وعدم معرفة بحقيقتها.

فإذا رأوا إنساناً ملتزماً بالسنة في مظهره وسلوكه وعمله؛ سخروا منه! أذكر -مثلاً- أن كثيراً من العامة كانوا يسخرون من بعض الشباب؛ إذا رأوهم يضعون اليد اليمنى على اليسرى على الصدر في الصلاة, ويقول أحدهم: هؤلاء الذين يريد الواحد منهم أن يغتال نفسه, كأن الواحد منهم يريد أن يطير وإذا رأى إنساناً قد قصَّر ثوبه ورفعه؛ عاب عليه وسخر منه, فإذا رأى شخصاً ملتحياً؛ ألقى عليه بالألقاب وسبَّه ونال منه، فهؤلاء في الواقع أعداء للسنة، شاءوا أم أبوا أرادوا أم لم يريدوا, لأنهم حشروا أنفسهم في زمرة أعدائها؛ المحذرين منها المحاربين لها، وجعلوا من أنفسهم عقبات في سبيل تطبيق السنة.

كم من شاب أراد أن يقصر ثوبه أو يعفي لحيته أو يلتزم بالسنة؛ فمنعه من ذلك وضع البيت، وسخرية الأب والأم والإخوة والأخوات في المنزل! وما زلنا في كثير من البيئات والمجتمعات؛ نجد من يسخر، لا أقول: بالسنة فقط، بل حتى بفعل الواجب, فإذا رأوا الشاب يحافظ على الصلاة في المسجد؛ سخروا منه.

وهؤلاء، لا شك أنهم بحاجة إلى دعوة لتجديد إيمانهم، وتحقيق ولائهم للإسلام, فإما أن يعرف السنة ويلتزم بها, وإما أن يحاربها عن علم, ليحيا من حي عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة.

من أعداء السنة: المنابذون لها العاملون بسنة غير سنة النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهون بغير المسلمين كثير من المجتمعات الإسلامية اليوم أصبحت تأخذ كثيراً من أمورها العملية، سواء في الشرب أو الأكل، أو في طريقة الجلوس أو اللبس، أو في الشعور، أو في الزواج والأفراح والأعياد والمناسبات أو غيرها, يأخذون تقاليد الغربيين والشرقيين، حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضبٍ لحاولوا أن يدخلوا جحر الضب وراءهم, أفرأيتم أضيق من جحر الضب؟! من المسلمين من يجاهد ليدخل جحر الضب وراء أهل الكتاب, فهؤلاء رضوا بسنة اليهود والنصارى عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأحياناً لا تستطيع أن تميز بين المسلمين، وبين الكفار والمشركين, في كثير من البيئات الإسلامية, دعك من الذين يعايشون هؤلاء الكفار في بلادهم, فالأمر بالنسبة لهم أعم وأطم, لكن حتى في بعض البيئات الإسلامية، التي يكون فيها مسلمون وفيها بوذيون أو سيخ أو نصارى أو غير ذلك، لا تميز بين هؤلاء وهؤلاء!! وهذا يكشف جانباً من عظمة الإسلام فينا, علَّم المسلمين بالعناية بالمظهر والمخبر, الإسلام دين كامل يعلم المسلم كل شيء, لا توجد حاجة تركها الإسلام بدون تنظيم.

فمن حكمة الله عز وجل، حين شرع للمسلمين العناية بمظاهرهم، أنها على صفة معينة، حتى يتميز المسلم بمظهره وبمخبره.

فالمسلم إذا رأيته؛ وجدت سمت الإسلام، من حيث الشكل والهيئة واللباس والشعر, فإذا جاء وقت الصلاة؛ وجدت صفة الإسلام، الأذان والإقامة والصلاة, طريقته في الأخذ والعطاء، في المناسبات وغيرها، طريقة متميزة.

فالذين رضوا بسنة أعداء الإسلام من الممثلين والمغنين وغيرهم, وأعداء الإسلام -أيضاً- في الأمور الاجتماعية، هؤلاء حشروا أنفسهم في زمرة أعداء سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.

وهؤلاء -كلهم- بحاجة إلى دعوة؛ لمراجعة موقفهم من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى يعرفوها ويعملوا بها ويصبحوا من أنصارها, أو يحاربوها على بينة وبصيرة ووضوح.

فهؤلاء كلهم من أعداء السنة, ولا بد من مواجهتهم كما ذكرت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015