إن من الواجب على المرأة أيضاً أن تعمل على التعرف على المشكلات الاجتماعية، وعلى قضايا المرأة بصفة خاصة، وأن تسعى في حلها، لماذا لا يكون للمرأة مشاركة في دراسة أوضاع المجتمع ومشكلاته والظواهر السلبية الموجودة فيه وإعداد بعض الاستبيانات في هذا الموضوع ودراستها، والخروج منها بنتائج؟ مثلاً: قد توجد ظاهرة سلبية عند بعض البنات في المدارس أو في غيرها، وهي تختلف من مجتمع إلى آخر، فقد تكون هذه الظاهرة السلبية في بعض المجتمعات المنحرفة تصل إلى حد انتشار المخدرات، لكن في مجتمعات أخرى قد لا يكون الأمر كذلك، وقد تكون هذه الظاهرة السلبية ظاهرة الإعجاب المتبادل بين البنات، والذي يتعدى درجة المحبة المعتدلة، أو الصداقة المعقولة إلى لون من التعلق القلبي الكبير والخطير الذي تذوب فيه شخصية الفتاة، وتضيع فيه معالمها، وتصبح فيه مجرد ظل لفلانة، أو صورة عنها، أو تقليد لشخصيتها، فتفقد استقلالها، وتفقد ذاتها، وشخصيتها، وتذوب في شخصية معلمة أو زميلة أو صديقة أو ما أشبه ذلك، هذه ظاهرة سلبية ويجب أن تعالج، لكن أيضا العلاج يجب أن يكون مبنياً على معرفة.
ومن هو الذي يستطيع أن يدخل في أوساط البنات، ويطرح عليهن بعض الأسئلة، ويكتب الأجوبة بأمانة وبدقة وبعيداً عن التسمية -مثلاً- من أجل معرفة أسباب هذه المشكلة، ويدرس الأسباب، والحلول بشكل جيد ويقدم بعض المقترحات على شكل محاضرات، أو دروس، أو توجيهات، ولا مانع أيضاً أن يقدمها لمتحدثين من الرجال، يمكن أن يعالجوا هذه الظاهرة، ويمسوها بشكل يخدم وينفع ويزيل هذه المشكلة؟ قد تكون هناك مشكلة أعمق وأبعد في المجتمع كله، ليست مقصورة في أوساط الطالبات -مثلاً- ولا في مجتمع معين أو مدرسة معينة، مثلاً: ظاهرة تفشي الطلاق، ظاهرة خطيرة، ويجب أن تخيفنا فعلاً، فنسب الطلاق مرتفعة قد تصل في بعض المجتمعات أحيانا إلى (50%) من نسب الزواج، يعني (50%) من المتزوجين قد يطلقون، وربما -أيضاً- في السنة الأولى من الزواج، وهذا لا شك أنه خطر كبير، فكم بذل الإنسان في الزواج، تجربة نفسية ومالية والطرفان كلاهما خاسر في عملية الطلاق، ولكنه قد يجد نفسه مضطراً إليه لتجنب ما هو أخطر منه.
دراسة هذه الظاهرة: أسبابها، عددها، تكثر في أي فئة، وفي أي طبقة، وفي أي مستوى، دراسة أحوال المطلقات -مثلاً- وأحوال أزواجهن إلى غير ذلك، هذه الظاهرة جزء كبير منها يمكن أن تقوم به الفتاة، ولا يشترط أن تكون فتاة دارسة في قسم علوم اجتماعية، ولا أن تكون فتاة مختصة، إنما هي فتاة معنية بأمر مجتمعها، ومعنية باستقامة هذا المجتمع على الدين، ومعرفة ظواهره السلبية، وتدرك أن أي ظاهرة سلبية توجد في المجتمع هي ضد الدين، وضد التدين الصحيح، لأن الدين إنما جاء لإقامة المجتمع على أحسن وأقوم السبل، والله تعالى يقول: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [التين:4-6] .
إذاً إدراك هذه المشكلة، وأبعادها وأسبابها، وحلولها، ونسب انتشارها، وتقديم الحلول المناسبة قد يقلل من هذه المشكلة، وقد يحجمها، ومشاركة الفتاة في مثل هذا المجال هي مشاركة ضرورية لا يمكن الاستغناء عنها بحال.