التشكيك في مستقبل الدعوة وسلامتها: قالوا هذا رجل سينتهي انتظروا هي فترة وجيزة، مثلما ذهب النابغة، ومثلما ذهب فلان: {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} [الطور:30] نعم، تربصوا، الزمن في صالحنا، الوقت لنا: {فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ} [الطور:31] وذهب هؤلاء.
لو سألتكم أنتم أيها الإخوة: من منكم يعرف اسم أبي جهل؟ الذي يعرفه منكم قليل، اسم أبي لهب؟ أنا لا أعرفه! حتى أسماؤهم لا تعرف، ولا يذكرهم الناس إلا باللعنة، لكن أقل واحد من الصحابة وأصغر واحد من أتباع الرسول عليه الصلاة والسلام أصبح الناس لا يرون ذكره إلا مع الدعاء بالترضي، فكل صحابي يذكر: رضي الله عنه وأرضاه، فضلاً عن كبار الصحابة، فضلاً عن إمامهم وسيدهم وقدوتهم محمد صلى الله عليه وسلم.
فهو ملء سمع الدنيا وبصرها، وملايين المآذن في مشرق البلاد ومغربها تصدع في كل يوم خمس مرات: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، إنها تعلن انتصار دين محمد صلى الله عليه وسلم -وأنه بقي وذهبوا، وانتصر وخُذِلوا، ومضى يجتاز الزمان والمكان والقرون والدهور عليه الصلاة السلام؛ ويعمر العقول والقلوب، أما هم فذهبوا- أعني من مات منهم على الكفر -ذهبوا إلى نار جهنم وبئس المصير، ولم يبقَ لهم ذكر في الدنيا أبداً، حتى أقاربهم يتبرءون منهم ويستحون أن يكون أحدهم ابن فلان أو حفيد فلان.