أحمد الخزاعي مع الواثق

القصة الرابعة: وهي قصة عجيبة: أحمد بن نصر الخزاعي -هذا من أصحاب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى وكان رجلاً فاضلاً عالماً بُلِيَ بمسألة القول بخلق القرآن، في عهد المأمون ثم في عهد الواثق وأبى بأن يقول بأن القرآن مخلوق، بل أصر أن القرآن كتاب الله تعالى منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود، فحاولوا معه فأبى، فضربوه فأصر، فسجنوه فاستمر حتى أحضره الواثق بين يديه، وقال له: ما هي حجتك في إثبات أسماء الله تعالى والصفات؟ فذكر له أحاديث وأحاديث وآيات حتى مر على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إن قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء} .

فقال له الواثق: تثبت هذا الحديث! قال: نعم، قال: أي تثبت أن لله يداً وأصابع! قال: نعم، أثبت ذلك كما أثبته رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له الواثق: وهذا تشبيه وهذا تجسيم وهذا وهذا، فغضب أحمد بن نصر الخزاعي وخرجت منه كلمة شديدة على الخليفة، فقال للخليفة: ما أنت والعلم! كيف تتكلم في مسائل العلم وأنت لا تتقنها، إنما أنت نطفة سكران في رحم قينة، يعني إن أباك كان يشرب الخمر وأمك كانت أمة، قال هذه الكلمة الغليظة للخليفة لأنه تصاغر في عينه لما رأى أنه منابذ للحق معارض للسنة، فغضب عليه الخليفة وأمر بصلبه، فصلب في بعض شوارع بغداد، وكان الإمام أحمد يمر عليه فيترحم عليه ويدعو له؛ ويقول: ذلك رجل هانت عليه نفسه في الله تعالى، ثم يقول الإمام أحمد: هذا رجل قد قضى ما عليه، صلب مصراً على العقيدة الصحيحة التي توارثتها الأمة: أن القرآن كلام الله تعالى ليس بمخلوق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015