وهناك نقطة أساسية وهي قضية تاريخ التطبيع، وباختصار شديد أقول: مَرَّ التطبيع بمراحل: المرحلة الأولى: هي التطبيع القهري في الأرض المحتلة، فبعد ما احتل اليهود بلاد المسلمين عملوا على تغيير عقول الناس من خلال التسلط الإعلامي القهري عليهم، ومن خلال محاولة صهرهم في المجتمع اليهودي، سواء كان ذلك في الأرض المحتلة أو الجولان أو غيرها.
المرحلة الثانية: هي التطبيع الاختياري في مصر من خلال معاهدة السلام بكامب ديفد، واستطاع اليهود أن يتغلغلوا من خلال جهود سياحية، وإعلامية، ومن خلال عشرات المراكز البحثية ومن خلال السفارة الإسرائيلية في مصر التي هي وكر للتجسس، ومن خلال التغلغل في الشعب المصري، ومن خلال عقد الصداقات مع الشباب ومع الفتيات، ومع رجال الفكر والأدب، ودعوتهم إلى الجامعات الإسرائيلية العبرية لإلقاء المحاضرات، وعقد الندوات المشتركة، إلى غير ذلك، ولا زالت الإذاعة المصرية مشغولة بالأغنية التي تقول: "سيناء رجعت تاني لينا" في الوقت الذي يسعى فيه اليهود إلى إحكام السيطرة على مصر.
المرحلة الثالثة: هي ما يسمى بسياسة الجسور المفتوحة مع الأردن، فإن الأردن ظلت مفتوحة الجسور؛ فمنذ عام (1962م) وتاريخ الأردن مع إسرائيل تاريخ مكشوف، وتاريخ الخيانة قديم جداً، بل هناك تعاون مع إسرائيل في سبيل القضاء على الوجود الفلسطيني، أو القضاء على الأقل -سابقاً- على منظمة التحرير الفلسطينية حين كانت تعتبر هي الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني.
المرحلة الرابعة: مع المغرب، فهناك لقاءات قديمة جداً على أعلى المستويات بين المسئولين اليهود، وبين المسئولين في المغرب، وآخرها عقد في المغرب وتم فيه تبادل وجهات النظر حول كافة القضايا، وتم الاتفاق على حلول سلمية، واليهود يقيمون مناسبات عدة في المغرب ويحضرها مسئولون على كافة المستويات.
المرحلة الخامسة: مع أثيوبيا وكان ذلك من خلال ترحيل مجموعة من اليهود الأثيوبيين إلى إسرائيل، وهي المعروفة باسم عملية الفلاشا، وقد شاركت فيها المخابرات، بل أدارتها المخابرات الأمريكية.
المرحلة السادسة: هي المرحلة القائمة، وهي مرحلة التكامل مع الدول العربية، حيث يكون فيها المال والنفط العربي والأسواق العربية، والخبرة اليهودية، جنباً إلى جنب.