الرغبة في العمل الديني مطلب شرعي

عثمان بن أبي العاص كما في الصحيح يقول: {يا رسول الله اجعلني إمام قومي!! قال: أنت إمامهم واقتدِ بأضعفهم، واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً} فـ عثمان بن أبي العاص لم يمنعه تواضعه وهضم نفسه من أن يطلب عملا دينياً، والإمامة ليست عملاً دنيوياً وإلا والنبي صلى الله عليه وسلم قال: {إنا لا نولي هذا الأمر من طلبه} لكنه ديني، ولهذا وصف الله تعالى المتقين كلهم بأنهم عباد الرحمن وبأنهم يقولون: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان:74] .

فلم يطلبوا أن يكونوا من المتقين فقط، بل طلبوا أن يكونوا أئمة للمتقين، فليسوا أئمة للمؤمنين أو للمسلمين فقط؛ بل للمتقين.

ولا شك أنه من الغبن أن يقول العبد في سجوده: واجعلنا للمتقين إماماً، ثم يطلب منه أن يتولى أمر ثلاثة في دعوة، أو إصلاح، أو قيادة، أو أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، ثم ينفض ثوبه ويتنصل ويقول: لا أستطيع! لا أستطيع! لأن مقتضى الشرع أن الدعاء يتطلب العمل الصالح، فإذا قلت: واجعلنا للمتقين إماماً فينبغي أن تسعى إلى تحقيق الإمامة في الدين، قال الله عز وجل: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة:24] قال سفيان: [[بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين]] ولما قال ربيعة بن مالك الأسلمي رضي الله عنه كما في صحيح مسلم لرسول الله صلى الله عليه وسلم: {يا رسول الله ادع الله أن أكون رفيقك في الجنة، قال: أعني بكثرة السجود} فإذا دعوت بشيء فعزز دعاءك بفعل الأسباب.

وكما قال عمر رضي الله عنه: [[اخلط مع دعاء العجوز شيئاً من القطران]] كانوا يقولون: إذا أصاب إبل الصدقة الجرب، يقولون نذهب إلى عجوز هناك لتدعو فيشفيها الله تعالى، فقال عمر: لا، بأس! هذا جيد، اذهبوا إلى العجوز تدعو، وهاتوا القطران -وهو نوع من العلاج- فاطلوا به هذا الجرب فيزول بإذن الله تعالى، فالسبب لا بد من فعله، والدعاء سبب، وفعل العمل الصالح من السجود أو السعي إلى الإمامة في الدين بالصبر والتقوى واليقين هو أيضاً مطلوب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015