الأمن والاقتصاد

مطلب آخر: قضية الأمن، الأمن مطلب شرعي واجتماعي لكل الأمم الشعوب، بل الإنسان مفطور على طلب الأمن، بل حتى الحيوان، والله تعالى يقول: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش:3-4] .

إذاً الأمن من الخوف إنما يكون بالإيمان، ولهذا ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الراكب يسير من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، وذلك إذا استقر أمر الدين، وأطاع الناس شريعة الله تعالى وانصاعوا لها.

والاستقرار الاقتصادي، والبحبوحة الاقتصادية، وثراء المال لا يأتي من النفط فحسب أو من الثروات المادية فحسب وإن كانت هي المصادر المباشرة، لكن إذا لم نتصور الإيمان، والنزاهة، والعدالة، فقد يتحول المال أو تتحول الثروات إلى باب للمنافسة وللأحقاد، وباب للتباغض التباعد، ولهذا قال الله تعالى: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ} [قريش:3-4] والله الذي لا إله غيره إنه لا استقرار لهذه البلاد، ولا وحدة لها، ولا سلامة لها من عقاب الله تعالى ومن عذابه ولا لأي بلد إسلامي إلا بالانصياع لشريعة الله والرجوع إلى الكتاب والسنة، والله تعالى يقول: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء:59] وكل من لا ينصاع لأمر الله والرسول ولحكم الشريعة فليس بمسلم، وكل المسلمين يقولون على الأقل بألسنتهم أنهم يقبلون حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم عند التنازع: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء:59] فلماذا لا نرد إلى القرآن؟! لماذا لا نرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وإلى كلام أهل العلم المعتمد في كل ما شجر بيننا من القضايا؟! لماذا نجعل القضية ظنوناً واتهاماتٍ ورمياً بالغيب من مكان بعيد؟! ألسنا أمة واحدة؟! ألسنا نعلم اليوم أن الأيدي تمد لليهود للسلام معهم، وأصبح من لا يؤيد قضية السلام متطرفاً أصولياً يجب محاربته عند الكثيرين؟! أليست الأيدي تمد للشيوعيين؟ أليست الأيدي تمد للنصارى؟ أليست الأيدي تمد إلى العلمانيين؟! أليست الأيدي تمد إلى كل فئات الدنيا؟! ويرى أن من الأصلح والأنسب أن يكون هناك نوع من الحوار والانسجام، فلماذا نحاور أنفسنا أولاً؟! لماذا لا نتحدث مع أنفسنا أولاً قبل أن نتحدث مع غيرنا؟ إنه لا معنى أن نحادث البعيدين في حين أن المجتمع لم يستطع أن يحادث نفسه بشكل صحيح، ولا أن يرد إلى الله وإلى الرسول كما هو مقتضى عقيدته ومقتضى إيمانه، ومقتضى شريعته التي يتمدح بها صباح مساء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015