معايشته للواقع جعل الأمة ترتبط به

الجانب الثالث الذي جعل الأمة ترتبط بـ العز بن عبد السلام هو: قضية معايشته الواقع، فما كان يعيش في برج عاجي -كما يقولون- معزول عن هموم الأمة، ومشاكلها، وأوضاعها، بل كان يعيش مشاكل الأمة الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، أولاً بأول.

وخذ على سبيل المثال فضلاً عن المواقف التي ذكرتُ وهي كافية، لكن خذ جانباً آخر وهو الكتب التي كتبها العز بن عبد السلام، صحيح أن العز بن عبد السلام له كتب في الفقه والحديث والأصول والتفسير وغيرها.

لكن مع ذلك لاحظ بعض الكتب التالية للعز بن عبد السلام: كتاب اسمه الفتن والبلايا والمحن والرزايا يتكلم فيه عن المصائب والصبر عليها وما أشبه ذلك، وهذا له علاقة كبيرة بالمصائب والمشاكل التي كانت تعيشها الأمة، وله كتاب اسمه ترغيب أهل الإسلام في سكنى الشام.

وقد ألف هذا الكتاب لما اجتاح الصليبيون بلاد الشام، وبدءوا يحاربون المسلمين، ففزع كثيرٌ من المسلمين، وبدءوا يفرون إلى الأمصار الأخرى ويهربون، فكتب هذا الكتاب ليثبت المسلمين ويحاول أن يجعلهم يقيمون في بلاد الشام ولا يخرجون منها، بل على العكس فقد حث المسلمين في الأمصار الأخرى أن يحرصوا على الانتقال إلى الشام وسكناها ومدافعة الأعداء فيها.

وله كتاب اسمه أحكام الجهاد تكلم فيه عن الجهاد وأحكامه وما يتعلق به وفضله، إضافة إلى أنه -هو نفسه- كان يقوم بالجهاد مباشرة ويشارك فيه، حتى إنه في أحد المرات لما غزا التتار بلاد مصر وخاف الحاكم منهم، جاء العز بن عبد السلام إلى الحاكم -وهم في رمضان- وقال له: لماذا أنت جالس إلى الآن؟! لماذا تجلس ولا تحارب هؤلاء القوم؟! قال له: هل تضمن لي على الله النصر؟ قال له: نعم، أضمن لك على الله النصر، قم فقاتل، فقام وقاتل وكان العز بن عبد السلام في جيشه يثبت الناس، ويرفع معنوياتهم، ويقويهم، ويلهب حماسهم حتى كانت الدائرة على الأعداء وانتصر المسلمون.

وللعز بن عبد السلام كتب في الفتاوى يفتي بها للأسئلة التي ترد من كل مكان وهي مرتبطة ارتباطاً كبيراً بالواقع الذي كان يعيشه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015