من الضعفاء الأولاد

الصنف الثالث من الضعفاء هم: الأولاد من الذكور والإناث من الصغار؛ فما أحوجهم إلى ابتسامة من أبيهم، ضحكة، مزحة معهم، وقت ولو عشر دقائق، أو ربع ساعة يتحدث معهم، ويبادلهم الحديث، وقد ينشغل الأب في أعمال: في مزارع أو في تجارات، أو غير ذلك، ولا يراه الأبناء إلا قليلاً، وإذا رأوه كان مشغولاً بأمور كثيرة، ونفسيته غير مرتاحة، ولهذا لا يهنئون به ولا يرتاحون.

وهم أقل الناس انتفاعاً به واستفادةً منه وإقبالاً عليه، فلا علاقة بينه وبينهم، ولا عاطفة، ولا ود، ولا حب، حتى إنه لو قبَّل أحدهم، لاستنكر هذا واستغربه، واعتبر هذا أمراً غير مألوف، وأنه خارق للعادة، لأنه لم يجر به إلف.

وهو لا يأكل معهم، ولا يشرب معهم، ولا يشتري لهم ما يحتاجون، ولا ييسر لهم الأسباب التي يقضون بها أوقات فراغهم، ولا يراعيهم في دينهم، ولا يعلمهم، ولا يربيهم، ولا يحافظ عليهم، بل- كما ذكرت- قد ترك لهم هذا الجهاز.

واعتبر أن أهم ميزة في التلفاز أنه يبعد الأطفال عنا، فهؤلاء الأطفال يشاهدون ما يسمى بأفلام الكرتون أو الصور المتحركة وعيونهم مسمرة فيه، ولا يدري الأب ماذا يواجهون، وماذا يشاهدون، وماذا يتلقون، والمهم عنده أنهم قد سكتوا، وأنهم لا يحدثون ضجيجاً في البيت، ولا صخباً، ولا إزعاجاً، ولا يخربون الأثاث والمتاع وغير ذلك، ولا يؤذون والدتهم إذا كانت في المطبخ أو غير ذلك، فهذا هو كل ما ينظر إليه الوالد من التلفاز، أما تأثير هذا على عقولهم، وأخلاقياتهم، ولغتهم، وشخصياتهم، فهذا هو آخر ما يخطر في باله وهذا من الظلم.

ومن الظلم أيضاً: أن يقصر الأب في نفقة أولاده: في طعامهم، في شرابهم، في ملابسهم، في أحذيتهم، وفيما يحتاجون، ومن الظلم أيضاً - كما ذكرت- ألا يجعل لهم وقتاً يجلس معهم فيه، ويبادلهم فيه المشاعر، ويقوم بحق الأبوة والتربية الواجبة في عنقه، وفي الصحيحين من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: {كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته} فأنت راعٍ في بيتك، ومسئول عن رعيتك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015