الأمَّة

والأمة تعتبر مستضعفة بالقياس على من ولاه الله أمرها من الحكام والمسئولين الذي أمر الأمة بأيديهم، فإذا رفقوا بها، وأحسنوا رعايتها، وقاموا بحقوقها، وراعوا حاجاتها، وحافظوا على كرامتها وإنسانيتها وحقوقها، آجرهم الله تعالى على ذلك، وبارك لهم في أمرهم وأمنهم، ونفع بهم، ورزقهم المحبة والقبول، فتجد الألسنة كلها ثناءً عليهم ومدحاً لهم ودعاءً لهم.

وإذا كان الأمر على نقيض ذلك من المشقة على الأمة وإيذائها وإثقالها بالضرائب والرسوم، وكثرة الضغط عليها، ومصادرة حريتها وتخويفها وترويعها وإشغالها بما لا حاجة لها به، والتضييق عليها في دينها أيضاً، والتأثير على أخلاقها، وعلى أديانها، وعلى أعراضها، ونقل الفساد إليها، والتضييق عليها في اقتصادها وفي تجارتها، وفي أرزاقها إلى غير ذلك، فإن هذا من المشقة التي تسبب غضب الله تعالى ومقته لهؤلاء، وتجعل قلوب الناس تنكرهم وتبغضهم، فتكون الألسنة كلها ذماً لهم وتوبيخاً ونقداً ودعاءً عليهم، وهذا هو ما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال: {أنتم شهود الله في أرضه، هذا أثنيتم عليه خيراً، فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شراً، فوجبت له النار} والحديث متفق عليه، ويقول صلى الله عليه وسلم: {اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً، فشق عليهم، فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً، فرفق بهم، فارفق به} فدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم مستجابة في حق كل من رفق بالأمة أن يرفق الله تعالى به ويحفظه، وفي حق كل من شق على الأمة وضايقها في دينها ودنياها وأمنها واقتصادها وإعلامها وغير ذلك، أن الله تعالى يشق عليه، ويسلط عليه.

الضعفاء كثيرون، بل الأمة كلها في حالة استضعاف وأقولها بالخط العريض: الأمة كلها في حالة استضعاف، ولكن الضعف درجات، فعلينا أن نتقي الله تعالى في الضعفاء الذين تحت أيدينا حتى يهيئ الله لنا من يتقي الله تعالى فينا، ونحن ندعو في دعاء القنوت: اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا.

أنت خف من الله تعالى في من هو تحت يدك، فارحمهم حتى لا يسلط الله عليك من لا يخافه فيك.

أما إن اعتديت على الضعفاء الذين تحت يدك، فسوف يسلط الله سبحانه وتعالى عليك من لا يخافه ولا يرحمك.

وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظنا وإياكم من كل سوء ومكروه إنه على كل شيء قدير.

اللهم أعزنا بطاعتك، ولا تذلنا بمعصيتك يا حي يا قيوم، اللهم اغفر لنا في ليلتنا هذه أجمعين، وهب المسيئين منا للمحسنين، ووفقنا لما تحب وترضى أجمعين، اللهم وفقنا أن نرفق ونلطف بالضعفاء الذين تحت أيدينا، اللهم وفقنا أن نقوم بحقوق رعايانا، اللهم وفقنا أن نقوم بحقوق رعايانا سواء كانت حقوق دينية أو حقوق دنيوية إنك على كل شيء قدير، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين , والحمد لله رب العالمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015