تدخل الآخرين في الحياة الزوجية

من أسباب الطلاق وهو من الأسباب المهمة: تدخل الآخرين في الحياة الزوجية.

يروى أن أحد الصحابة رضي الله عنه، رأى من زوجة ابنه أمراً يكرهه، فأمره أن يطلقها، فطلقها الولد وهو حزين، فسمعه أبوه يوماً وهو يقول: فلم أر مثلي طلق اليوم مثلها ولا مثلها في غير شيء تطلق فرق له وأمره أن يراجعها.

وهذا أيضاً من مثالية أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وتقديرهم لظروف الآخرين، ظروفهم النفسية، ظروف التعلق القلبي والمحبة والارتياح مع المرأة، حتى لو كان الأب يجد فيها بعض ما لا يحب منها، أو كانت الأم كذلك.

إن تدخل أهل الزوج -مثلاً- في الحياة الزوجية مع ولدهم؛ يعكر صفاء حياتهم، وكذلك تدخل أهل الزوجة يزيد الأمور تعقيداً، ولا داعي لأن أذكر صور التدخل بينهما، فهي ذات أشكال وصور كثيرة، ولكنها غالباً ما تتم على شكل وصايا من أم الزوجة لابنتها، تظن أنها تستطيع أن تستحوذ بها على الزوج وتكسب منه كل شيء، أما أم الزوج، فإنها تشعر في كثير من الأحيان، بأن بنت الناس هذه المرأة الغريبة الجديدة، قد اختطفت ولدها وفلذة كبدها من يدها، ولذلك فهي تعتبر أنه لا بد من الحيلولة دون ذلك، وعلى هذه الرحى تنطحن العلاقة الزوجية.

وحكمة الزوجين وتفهمهما، من الممكن أن تضع حداً لتدخل أهل الزوج أو أهل الزوجة، فمن الممكن ألا يطلع الزوج أهله ولا الزوجة أهلها على ما يجري أولاً، ثم إذا علموا؛ فينبغي أن يعالج الأمر بالحكمة، ويعتبر أنه يمكن أن يواجههم بالكلام الطيب، فيقول: إن شاء الله يكون خيراً، وسوف ترضى وما أشبه ذلك، ولكن يبقى أنه يدرك أن الحياة الزوجية تخصه هو دون غيره، وهو الذي تولى عقدة النكاح وأمر الزواج.

ومن واجب أهل الزوجين: الكف عن التدخل في خصوصيات الآخرين، وألا يكونوا سبباً في تدمير حياة ابنهم أو حياة ابنتهم، فمثلاً إذا تم الطلاق، فمتى سيتزوج الولد؟ بعد زمان طويل، نظراً لأن تكاليف الزواج كثيرة جداً.

أما الفتاة فأمرها أصعب، فإن المرأة المطلقة عندنا، أصبح الكثيرون ينظرون إليها نظرة ريبة، لماذا طلقت؟ قد تكون غير صالحة للحياة الزوجية.

وربما يتأخر زواجها، أو على الأقل لا يأتيها من هو كفء وملائم لها، فيتزوجها إنسان ليس مناسباً لها في كثير من الأحيان.

وعلى أي حال، فإن الطلاق مصيبة في حق الزوج وفي حق الزوجة، ولذلك ينبغي ألا يسعى أهل الطرفين إلى إيقاع هذه المصيبة عليهما.

أما التدخل من الأباعد، سواء أكانوا من الجيران أم الأصدقاء أم حتى من غيرهم، فهو مشكلة أخرى، تأخذ أيضاً طابع النصيحة، أو طابع التثبت من خبر سمعناه، سمعنا يا فلانة أن فلاناً فعل كذا أو قال كذا، أو يا فلان سمعنا أن فلانة اتصلت، أو قالت، أو خرجت، أو دخلت، أو فعلت.

ولذلك ينصح الزوجان بعدم إفشاء أسرار الحياة الزوجية مهما كانت، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم -في الحديث الصحيح- نهى الرجال والنساء عن ذلك، وكذلك ينصح الزوجان بأن يتفاهما على كل الأمور بينهما، ويجعلا تدخل الآخرين على أضيق نطاق، ولا يسمحا لأحد أن يتدخل في هذه الأمور الواقعة بينهما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015