فأقول: أتحدث -أولاً- عن هذا الموضوع لأجلَّي جانباً من عظمة الإسلام في أحكامه وتشريعاته فيما يتعلق بحياة المرأة الخاصة وعلاقتها بالمجتمع من حولها، وكما يقول الشاعر: والضد يظهر حسنه الضد وبضدها تتميز الأشياء فإنما عرف الناس فضل النور، حين خيم عليهم الظلام، ولا يعرف قيمة العافية إلا من عانى المرض، ولا يدرك شأن الإسلام إلا من عرف الجاهلية، هذا أولاً.
ثم إننا ندرك من خلال ذلك عظمة الإسلام في تلك التشريعات، على سبيل المثال، وفيما يتعلق بموضوع المحاضرة، كيف أن الإسلام جاء بالتشريع الذي يسد من خلاله منافذ الحرام، فيأمر المرأة بالحجاب، وينهاها عن التبرج، ويأمرها بالقرار في البيوت، والبعد عن مخالطة الرجال أو مزاحمتهم، فنجد الإسلام وهو يسد المنافذ المحرمة، ثم يفتح المنافذ المباحة بالزواج الشرعي: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء:3] وبذلك يقيم حياة اجتماعية سليمة، يجد الرجل فيها أن اتجاهه منصب إلى وجهة واحدة في بيته وفي منزله، فلا تتوزع طاقاته وقوته نهباً لمظاهر يراها في المجتمع وانحرافات وأشياء تثيره، وقد تكون سبباً في بعده وفي عزوفه عما أحل الله تعالى له.
وفي مقابل ذلك فإننا نجد الغرب باسم الحرية الشخصية المزعومة، استجاز التعري وافتضاح المرأة في قارعة الطريق، وفي الشارع، وفي أماكن اللهو، وفي أجهزة الإعلام، فهانت المرأة: أماً وأختاً وقريبة، وكذلك عزف عنها الزوج؛ لأن الرجل يجد في المجتمع من المظاهر الجذابة، ومن الصور الجميلة في كثير من الأحيان ما لا يجده في منزله ومع أهله، وهكذا ساهمت هذه الحرية الشخصية المزعومة في تدمير البيوت، وكانت سبباً في اضطراب الأوضاع الاجتماعية وشيوع الرذائل، وعلى رأسها جريمة الزنا وما يتبعه من فساد عريض في أمور الاجتماع والصحة والاقتصاد وغيرها.