طلب العلم الشرعي يعصم الداعية من الانحراف في منهج الدعوة

كذلك طلب العلم الشرعي يجعل الداعية بعيداً عن الانحراف في منهج الدعوة.

والانحراف في منهج الدعوة يتمثل في صور كثيرة، منها -على سبيل المثال-: أن يشتغل الداعية بالتجميع العاطفي، الذي سرعان ما يتبخر ويزول.

فبعض الدعاة -مثلاً- همه أن يجمع أكبر عدد ممكن من الناس، وليس همه أن يربيهم على الإسلام الصحيح، وأن يخرج رجالاً يعبدون الله على بصيرة، ويدعون إليه ويجاهدون في سبيله، وإنما همه أن يجتمع حوله عدد كبير من الناس، ولو كانت مستوياتهم ضعيفة، فيثير في نفوسهم الحماس فيقول لهم: قضايا المسلمين في بلد كذا، والمسلمون يقتلون في بلد كذا، فيثير عندهم الحماس للإسلام، وهو حماس مبهم غامض!! ولست أدعو إلى تجاهل قضايا المسلمين، أو الغفلة عن مشاكلهم، كلا! بل ينبغي أن يكون المسلمون كما وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم، كالجسد الواحد إذا اشتكي منهم عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.

تذوب حشاشات العواصم حسرة إذا دميت في كف بغداد أصبع ولو بردى أنت لخطبٍ أصابها لسالت بوادي النيل للنيل أدمع فالمسلمون أمة واحدة يألم أقصاها لأدناها، ولكن ينبغي -مع ذلك- ألا يكون هدف الداعي هو فقط إثارة حماس الناس وعواطفهم لقضايا المسلمين؛ لأن هذا الحماس سرعان ما يخبو ويفتر بعدما يتجاوز الإنسان فترة معينة من عمره، ويتحول الإنسان إلى تاجر وموظف، أو أي شيء آخر، لكنه ليس داعية إلى الله -جل وعلا- وهذا هو السر في أنك تجد بعض الناس في فترة من فترات عمره، متألقاً مشرقاً كداعية، لكن بعد فترة سرعان ما يخبو ويذبل، لأنه ما قام على أصول صحيحة وثابتة من العلم الشرعي الصحيح، بل كان مجرد حماس فتر بعد ما تقدمت به السن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015