ارتباط الجزيرة بالمسلمين

إن العالم الإسلامي يعيش في كثير من دوله حالات ما دون الفقر، وما دون الإعدام، في بنغلادش مثلاً، أو في الصومال، أو في السودان، أو في عموم القارة الأفريقية، وخاصة الدول الإسلامية منها، يعيشون مستوى ودون مستوى الإعواز، ودون مستوى الفقر، دون مستوى الإعدام، أوضاع لا تكاد تخطر لأحد على بال!! وهؤلاء هم سندكم وعضدكم بعد الله عز وجل، ومن قبلُ وصل خيركم إلى غيركم، واستمتع بما أنتم فيه، وتنعم به كثير من الأبعدين حتى من عدوكم، من شيوعيين شرقيين أو غربيين أو علمانيين أو سواهم، فلماذا يخطئ خيركم إخوانكم المسلمين، سواء أكانوا من أقاربكم الموجودين بقربكم، والذين تحدثت عن نموذج منهم قبل قليل، أم من إخوانكم المسلمين الموجودين في القارة الأفريقية أو الأسيوية أو غيرها؟! أتريدون أن يكون أمركم كما قال الأول: كتاركة بيضها بالعراء وملحفة بيض أخرى جناحا يقولون: إن النعامة أحياناً تترك البيض الذي لها، وتأتي إلى بيض نعامة أخرى لتضع جناحها عليه، فتعير بذلك.

هل تريدون أن تكونوا جزيرة في بحر يُكِنُّ لها الكراهية والعداء؟ فحيثما تلتفت وجدت مجروحاً منا، هذا أسأنا إليه، وهذا حاربناه، وهذا حرمناه، وهذا تدخلنا في خصوصياته، وهذا وقفنا ضده، وهذا وهذا، هل تريدون أن يتحول العالم العربي والإسلامي من حولكم إلى بحر متلاطم يُكِنّ لكم الكراهية والعداء؟! إن هذا شر لكم ولهم، فهو قطيعة بين أهل الإسلام، وأهل الكلمة الواحدة، وأهل لا إله إلا الله، ولا شك أن الذي فقد الأمل بالمسلمين سيبحث عن غيرهم.

وقبل أيام جاءتني رسالة مطولة من أمريكا تتكلم على سبيل المثال عن واقع الأكراد، وخاصة الذي يقيمون هناك، وقل مثلهم بالنسبة للمهاجرين من عراقيين، أو صوماليين، أو غيرهم، ممن اضطرتهم ظروف العيش، أو ظروف الحرب، أو غيرها، إلى السفر إلى هناك، فوجدوا عند النصارى مع الأسف الشديد التكريم، والاحترام لإنسانيتهم، بل والاحترام لدينهم على الأقل ظاهراً، وإعادتهم إلى محاكم إسلامية تحكم في شئونهم الخاصة، وإلى مراكز إسلامية تتولى مشكلاتهم، ويعطونهم ما يسمى ببدل البطالة، ويعطونهم الجنسيات في أحيان كثيرة، ويحترمون متخصصيهم ومثقفيهم والأكاديميين منهم، فيجعلونهم في الرتب التي يستحقونها، ثم يعملون على دعوتهم إلى النصرانية، وخاصة دعوة الصغار من خلال الإغراء والهدية والجائزة والأمور المادية والرفاهية التي يغدقونها عليهم.

فشر للمسلمين أن يختلفوا ويتباغضوا فيما بينهم، وهو شر لكم أنتم أيضاً من بينهم، لأن المسلم إذا ألمت به ملمة، أو نزلت به نازلة، فإنما يستصرخ إخوانه المسلمين، أما أعداؤه من الكفار، أياً كانت ألوانهم، وجنسياتهم وبلادهم، وأياً كانت الأسباب التي يمتون بها إليك، فإن هؤلاء الأعداء وإن ظهروا بجلود لينة، إلا أن قلوبهم قلوب الذئاب.

فهم أعداؤكم حقيقة ولو تظاهروا بالصداقة لكم، ولو كتموا هذه العداوة وقتاً من الأوقات، وإذا جد الجد، ظهرت حقائقهم: إن الأفاعي وإن لانت ملامسها عند التقلب في أنيابها العطبُ فلا تغتروا بعدوكم ولو أظهر لكم ما أظهر، واعلموا أن سندكم وعضدكم وعونكم بعد رب العالمين إنما هم إخوانكم المسلمون، سواء أكانوا بين أظهركم من أهل هذه البلاد، أم كانوا نازلين عليكم من بلاد أخرى، أم كانوا مسلمين في ديارهم، فصححوا ما بينكم وبينهم، ووثقوا معهم العلائق، واربطوا معهم الروابط، وأزيلوا ما في قلوبهم من الضغائن والإحن والبغضاء، وأشعروهم أنكم إخوانهم، وأنه عفا الله عما سلف، وأنتم أولاد اليوم، وتوبوا إلى الله تعالى من كل عمل، أو قولٍ، أو فعل، أو تصرف، أو قرار أورثكم بغض إخوانكم المسلمين الأقربين منهم والأبعدين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015