حكم الكنيسة "الثيوقراطية"

كما أن من التسلط الذي عاشه الغربيون والشرقيون أيضاً: تسلط ما يسمونه بالحكم الديني أو الحكم الثيوقراطي، أو حكم الكنيسة، فكان ما يسمونهم برجال الدين النصراني، يحكمون الناس باسم الإله، ويزعمون أن الحاكم منهم هو ظل الله في الأرض، ولذلك فالذي يعترض عليه إنما يعترض على الله عز وجل، وعلى قضاء الله تعالى وقدره، فكانوا يسومون الناس سوء العذاب، فضلاً عن أنه بلغ الحال بهم إلى أنهم كانوا يمنحون الناس صكوك الغفران في الجنة، وإقطاعات في الجنة، وآخرون قد يمنحون إلى النار، أي تصرفوا في الدنيا، ولما انتهت الأراضي، والأموال، والمزارع رجعوا يستدينون إلى الدار الآخرة، وعبثوا بالدين.

أما الإسلام فليس فيه شيء اسمه رجال دين، أو حكم ثيوقراطي، المسلمون يحكمون بكتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الكبير والصغير في ذلك سواء، والحكم لله عز وجل ليس من حق أحد أن يشرع أو ينظم أو يسن قانوناً شرعياً في أمر ديني؛ لأن الله جعل هذا في كتابه وفي سنة رسوله عليه الصلاة والسلام، والعالم إنما مهمته أن يبلغ الناس شريعة الله تعالى، وتخصص أن يشرح للناس ما لا يعرفون، ولهذا حتى التقليد للعالم ليس فرضاً، قد تكون طالب علم فتستقل بمعرفة النصوص بنفسك، والعامي ليس مطالب أن يقلد فرداً بعينه، أو إماماً بعينه، بل يقلد من يثق بدينه، وعلمه في أمور الدين، ويسأله أيضاً عن الدليل إن استطاع أن يفهم الدليل.

إذاً الإسلام عمل على تحريك عقول الناس، وجعل كل إنسان مشارك، وما ذلك إلا لإثارة إنسانية الإنسان، والحفاظ على كرامته، وألا يتحول الناس إلى أرقام بلا رصيد، أصفار على الشمال، مجرد أتباع موافقين يقالُ لهم فيؤمِّنون، ويملي عليهم فيوافقون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015