هناك تقسيم آخر للجهاد، وهو تقسيم الجهاد باعتبار الآلة، هناك جهاد اليد، وجهاد اليد: يكون بحمل السيف، أوالبندقية، أو المدفعية، أو الرشاش أو غيرها، وهناك أيضاً جهاد اللسان: يكون بالكلمة الطيبة، بالنصيحة، بالدعوة، بالأمر بالمعروف، بالنهي عن المنكر، بالإصلاح، بالتوجيه، بقدر ما يستطيع الإنسان، وهناك الجهاد بالمال.
أ/ دعم الجهاد بالمال: ومع الأسف حين نقول الجهاد بالمال ماذا يفهم الإنسان؟! يفهم الجهاد بالمال أنه يدفع تبرعات للمجاهدين، وهذه صورة لا أقلل من شأنها، يجب دفع الزكاة وغيرها للمجاهدين في أفغانستان، والمجاهدين في كل مكان، ويجب دعمهم، وحين يصاب المسلمون المجاهدون في أفغانستان، أو غيرها بهزيمة، بسبب قلة ما في اليد، فإننا جميعاً --ممن يستطيع- مؤاخذون بهذا الأمر ومطالبون به، والآن من أخطر القضايا التي تهدد المجاهدين في أفغانستان قضية المجاعة، أصبح المجاهدون في بعض المناطق يلقون سلاحهم ويستسلمون لأنهم لم يجدوا لقمة العيش التي يأكلونها، -ومع الأسف- تجد كثيراً منا يتقلبون في ألوان النعيم، لو حسبنا وجبة -الطعام الغذاء والعشاء التي تقدم لنا- تجد أن الوجبة لا تقل عن عشرة أنواع، أو خمسة عشر نوعاً، وقد نلقي بها في الزبالة إذا انتهينا منها، وفي بعض المناسبات يحمل الطعام الكثير، ويلقي به أكواماً في الشوارع، أو في البيارات، في الوقت الذي هناك الكثير من المسلمين المجاهدين، من الذين يقاتلون بالنيابة عنا، يموتون جوعاً.
ولذلك أقول: من أعظم ألوان الجهاد الجهاد بالمال، ومن الجهاد بالمال، أن تدفع المال للمجاهدين في أفغانستان، أو فلسطين، أو في الفلبين، أو في غيرها، متى وجدت السبيل الذي تطمئن إن شاء الله إلى أنه يوصل المال فعلاً إلى هؤلاء، لكن، ليس هذا هو المجال فقط.
ب/ دعم المشاريع الإسلامية: إلا تعلم أخي الكريم، أنه يوجد لا أقل مئات، ولا أقول ألوف، بل ربما أقول: عشرات الألوف وقد وقفت بنفسي على أشياء كثيرة، من هذا القبيل، من المشاريع الإسلامية العظيمة، لا يحول بينها وبين أن تقوم وتثمر وتؤدي دورها إلا قلة المال، كم من مدرسة في العالم الإسلامي، وفي الجاليات الإسلامية، في البلاد الغربية تحتاج إلى الدعم المالي، وكم من مؤسسة، وكم من جمعية، تستطيع أن تقوم بدور جبار، وهيئة الإغاثة الإسلامية لها جهود مشكورة في هذا المجال، لكن لازالت الجهود أقل مما يجب بكثير، يقولون أحياناً أعطونا فقط مناهج دراسية، ولا نريد مناهج لكل طالب، نريد نسخة واحدة فقط، يتداولها الأساتذة، وعند الحاجة نصورها للطلاب، وبكل أسف أذكر لكم قصه عجيبة: في أحد البلاد، أعتقد أنه في بلد غربي، في فرنسا، طلب مجموعة من المسلمين كتاباً، وما هذا الكتاب؟! إنه كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فجاءوا إلى عدد من الذين يمثلون المسلمين هناك، في السفارات التي تمثل البلاد الإسلامية، قالوا: نريد كتب، قالوا ماذا تريدون؟ قالوا: نريد كتاب التوحيد.
قالوا: ندرس الموضوع إن شاء الله، المهم شهر أو شهرين أو ثلاثة لم يجيء الكتاب، في يوم من الأيام كان هؤلاء المسلمون جالسون في مدرستهم، أو في مؤسستهم، فأتاهم جماعة من الشيعة، وقالوا لهم: نحن إخوانكم وعرضوا عليهم المساعدة، جاءوا إليهم، وقالوا: عندنا استعداد أن ندعمكم، ونمدكم بما تريدون، وكذا، وكذا.
قالوا: نريد كتب، قالوا: أي كتب.
قالوا: من ضمنها كتاب التوحيد.
قالوا: موجود عندنا حتى كتاب التوحيد يوزعونه ذراً للرماد في العيون، فأتوهم بكميات كبيرة من كتاب التوحيد.
وقالوا: هذه هدية منا، طبعاً بعد كتاب التوحيد ليس هناك مانع غداً يأتون لهم بكتاب تحرير الوسيلة، وبعد غد كتاب الكافي، وبعده، وهكذا يعطونهم الكتب السيئة، فيهدمون ما بنوا، المهم يريدون مدخلاً إلى هؤلاء القوم، -فمع الأسف- نشكو إلى الله ضعف التقي وجور الفاجر.
وأقول لبعض الإخوة، في بعض المناسبات، بكل أسف الإحصاءات الرسمية تقول: إن عدد المسلمين، كم يا إخوة؟ ألف مليون -مليار- ألف مليون مسلم، لو تصورنا ألف مليون مسلم، نريد من كل واحد منهم ريالاً واحداً فقط، نريد حملة تبرعات -ريالاً واحداً- معناه في حملة واحدة، بكل سهولة تجمَّع عندنا ألف مليون ريال، هذه تقيم مشاريع وهائلة جبارة، وريال ماذا يضر الواحد منا، يعطي طفله عشرة ريالات ولا يلتفت، خمسين ريال ولا يلتفت، إذا صاح سكته بخمسين ريال، ريال واحد ما يضر! لكن المشكلة، مشكلة السلبية من جهة، ومن جهة أخرى ضيق الأفق، فنحن نتصور أن الجهاد بالمال محصور في أمور معينة لا يتعداها.