كذلك من الأعمال القلبية: التواضع، وضد التواضع الكبر، والله تعالى لا يحب المستكبرين، بل إن ذنب إبليس الأعظم هو الاستكبار {إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ} [البقرة:34] {أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ} [ص:75] ؛ ولذلك لا يجتمع الكبر والاستسلام لله تعالى في قلب أبداً، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: {لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثال حبة من خردل من كبر} والحديث في صحيح مسلم لا يدخل الجنة؛ لأن الكبر يتنافى مع حقيقة العبودية لله تعالى.
ولهذا قال الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر:60] فأمر بالعبادة وتوعد المستكبرين عنها، وكانت هذه معصية إبليس، ويجب أن تفهم من التواضع في القلب؛ فبعض الناس يريد أن يظهر التواضع، فيجلس مع الصبيان الصغار ويأتي ويسلم عليهم ويقبلهم، وقد يزور المرضى وقد يختلط بالناس وما أشبه ذلك، وليس هو متواضعاً فعلاً، لكن يريد أن يقول للناس: انظروا أنا متواضع، فيريد أن يمدحوه بأنه كبير وعاقل وذكي وحكيم وكذا وكذا ومتواضع، والدليل على أنه متواضع حاله مع الناس والصغار والكبار والضعفاء والمرضى والجميع، هذا هو التواضع، فيكون من الاستكبار أحياناً إظهار التواضع، لأن التواضع الحقيقي ينطلق من القلب، فمعرفتك بنفسك، وقدرها، وحاجتك، وفقرك تواضع، وكان ابن تيمية كثيراً ما يقول: أنا المكدي وابن المكدي وهكذا كان أبي وجدي ويقول: أنا الفقير إلى رب السماوات أنا المسيكين في مجموع حالاتي