موسوعية السلف

Q فضيلة الشيخ: أنت تعرف حماس بعض الشباب في طلب العلم، ولهم من السلف الصالح أسوة حسنة؛ وذلك أن السلف رحمهم الله لا يقتصرون على علم واحد، بل نجد الواحد منهم موسوعة في كثير من العلوم، فما تعليق فضيلتكم؟

صلى الله عليه وسلم لي عدة تعليقات على هذا السؤال: أولاً: حين يوجد الفرد ذو العقلية الممتازة الجبارة الذي يمكن بالمتابعة والتحصيل أن يكون موسوعة كما عبر الأخ، فألف حبذا! ولا يزال المسلمون يتطلعون منذ قرون إلى شخصية كشخصية شيخ الإسلام ابن تيمية، فهو ليس موسوعة في مجال العلم فقط، بل حين تنتقل إلى المجالات العملية تجد أن الرجل لم يقصر نفسه على تعلم العلم الشرعي بأنواعه وفنونه، بل تعدى ذلك إلى الجهاد ومحاربة أهل البدع، وقتالهم، ومناصحة السلاطين، والقيام بالحسبة عليهم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى غير ذلك من جوانب شخصيته الفذة رحمه الله.

ومثل هذه الشخصيات شخصيات نادرة لا يوجد منها أحياناً في أكثر من قرن إلا عدد قليل، أما كون الإنسان لديه إلمام طيب بمجموعة من العلوم الشرعية، فهذا ممكن في حالات كثيرة، ولا بأس به، بل هو مطلوب، وأشرت إلى أن الإنسان لا يمكن أن يكون مبرزاً في علم شرعي وهو يجهل بقية العلوم.

فالقضية أن وجود هذه العقليات التي أشار إليها الأخ هو أمر قليل، فهذا جانب.

ثانياً: أن موضوع التخصص لا بد منه خاصة في هذا الوقت.

فمثلاً: لو نظرت إلى جانب معرفة الأحكام الشرعية؛ لوجدت أن المسلمين يعانون مشكلات عويصة وصعبة مما يسمى بالنوازل، تحتاج إلى مجتهدين من الطراز الأول حتى يتكلموا فيها ويبينوا للناس شأنها، سواء في المجال الطبي، أو في مجال المال والمصارف، أو في غيرها من أمور الحياة التي استجدت، وهي تفني أعمار مجموعة من العلماء وليس واحداً.

ففي نظري مع أنه لا بد للإنسان أن يحيط بمجموعة من العلوم الشرعية، ويفهم فيها بشكل جيد إلا أن التخصص لا بد منه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015