Q أرجو من سماحتك أن تخبرنا عن أحوال الجهاد في أفغانستان والبوسنة والهرسك، وما هي آخر الأخبار عنهم؟
صلى الله عليه وسلم أفغانستان -والحمد لله- تعرفون أنهم حققوا نصراً بفضل الله، وتهاوت معاقل الشيوعية في أفغانستان بعد رمضان، وشكل المجاهدون حكومة ليست هي الحكومة المرضية، لكنها حكومة مؤقتة لشهرين، ذهب أكثرها وبقي القليل منها؛ ونحن في انتظار تسلم الأستاذ برهان الدين رباني رئيس الجمعية الإسلامية للحكومة باعتباره الرئيس المنتخب للدولة، وتسلم الحزب الإسلامي برئاسة حكمتيار لرئاسة الوزراء وهو المرشح لها، وتسلم الوزراء المرشحين لمناصبهم، وأعتقد أن أفغانستان في هذا الوضع دولة إسلامية، ووجودها مزعج جداً للغرب، وهذا يؤكد لنا أن الغرب مهما أجلبت قوته فهو أعجز من أن يفرض إرادته على الشعوب الجادة، فهو يحارب وبشراسة كل وجود إسلامي على المستوى الحكومي، ومع ذلك فشل في أفغانستان، وفشل في السودان على رغم أنه يعلنها صريحة أنه يحاول إسقاط تلك الحكومات، ولكنه فشل حتى أن هذه الأحداث كأنها تقول لنا: إن الغرب مهما كانوا يملكون من الأسلحة النووية والقوة الاقتصادية والسياسية وغيرها؛ إلا أن الله تعالى يوهن كيدهم ويحبط مكرهم ويجعل الدائرة عليهم.
أما بالنسبة للبوسنة والهرسك فلازالت الأخبار متتابعة في ضربات موجعة للمسلمين، مجازر لا يستطيع الإنسان أن يتكلم عنها، ويشعر بانكسار في القلب، وماذا تأخذ وماذا تترك.
أنا يومياً تأتيني عشرات الأوراق يومياً عن آخر التطورات في البوسنة والهرسك، آخر التطورات هي أخبار الأمس وأخبار اليوم وهي أخبار الغد وأخبار بعد الغد: قَتْل أعداد غفيرة من المسلمين، سفك دمائهم، ذبحهم كما تذبح الشياة، تدمير منازلهم، حرق بيوتهم، تدمير للمساجد، احتلال، ضرب بالمدافع… إلى غير ذلك، البارحة ضربت سراييفو بالمدافع ولعلكم سمعتم عما يسمى بالحصار الذي تريد أن تفرضه الأمم المتحدة على الصرب، ولأن الأمم المتحدة كافرة وهي في الواقع ألعوبة في يد الولايات المتحدة الأمريكية العدو الأكبر للمسلمين، فالأمم المتحدة أعطت الصرب فرصة فيها الكفاية، قالت لهم: عجلوا بسرعة واضربوا واحتلوا البلاد، جلسوا يوماً، أسبوعاً، شهراً، يظنون أن المسلمين من السهل اجتياحهم، والأمور تحدث والعالم يصيح، فما استطاع الصرب أن يفعلوا هذا، ووجدوا مقاومة لأن المسلمين -الحمد لله- في هذه البلاد وفي غيرها دعموا إخوانهم بالمال وبالسلاح وبغير ذلك.
وأنا أقول لكم إن مبالغ طيبة جداً قدمتها الشعوب الإسلامية لهم، وأعلم أن هناك مبالغ كبيرة إليهم ذهبت لم تتبرع بها الحكومات، فوجدوا دعماً من إخوانهم المسلمين، فقووا جانبهم وقاوموا وصبروا، ومع ذلك يقولون: نحن أقوياء، فقط أعطونا السلاح، فأبطأت عملية الاحتلال لبلادهم.
فوجدت الأمم المتحدة وأمريكا نفسها أمام فضيحة؛ أنه إذا ظللتم متفرجين فإن العالم بدأ ينكشف الأمر له يوماً بعد يوم، وهناك دول متعاطفة مع البوسنة والهرسك لأسباب مختلفة مثل ألمانيا وغيرها، فارتفعت اللهجة وصار هناك نقد شديد على هذا الخبيث النصراني بطرس غالي، وعلى أمريكا وعلى الغرب الذي وقف موقف المتفرج، فخشي الغرب أن تنكشف اللعبة وأنها حرب صليبية ضد الإسلام، وصار الناس يقولون: لماذا الغرب يتدخل هنا وهناك ولا يتدخل في البوسنة والهرسك؟! فالغرب أتقن اللعبة، لعبة سماها الحصار، حصار اقتصادي، حصار بترولي، عدم إشراك صربيا في مباريات الكرة كأن صربيا إذا لم تشارك سوف تنهزم وتضطر للانسحاب من سراييفو، لماذا؟ لأنهم منعوا فريقهم من المشاركة في الدوري الذي يقام في أسبانيا، مع أنهم يعرفون أن بلاد الصرب فيها اكتفاء ذاتي في أكثر الأشياء! وقد سمعت أحد التقارير، يقول: إن هذا الحصار الاقتصادي لن يظهر له أثر يذكر إلا بعد شهور، وهذا الأثر قد يكون بسيطاً، وقد لا يكون الحصار محكماً، ومن الممكن أن يستطيع الغرب أن يسرب إلى تلك البلاد ما يريد، خاصةً وأن هناك تعاطفاً من قبل الجمهوريات السوفييتية مع صربيا.
ولذلك فإن ذلك الحصار غير مرشح للنجاح أبداً، وهو فرصة جديدة للصرب، يقول لهم: أسرعوا بالضرب واحتلوا تلك البلاد حتى تنتهي الأزمة.
فالغرب الكافر يد واحدة ضد الإسلام والمسلمين، ولذلك إخوانك لا يستغنون عن القرش والريال الذي تدفعه أنت، فكن وسيطاً لدعوة الناس بالتبرع لهؤلاء المسلمين ولو بشيءٍ يسير فاليسير مع اليسير كثير، وقبل أيام أخبرني أحد المشايخ بقصة طريفة، يقول لي: طرق عليَّ الباب في البيت إنسان، فخرجت، فوجدت طفلاً صغيراً عمره يقارب إحدى عشرة سنة، وكان معه اثنان وستون ريالاً في جيبه، فقال لي: هل تعرف أحداً يجمع أموالاً للمسلمين في يوغسلافيا؟ يقول: فتبسمت، وقلت: نعم، أنا أجمع لها، يقول: فأخذ الريالين وضعهما في جيبه وأعطاني الستين، وقال: هذه أوصلها للمسلمين في يوغسلافيا.
فقضية يهتم بها أطفال المسلمين هي -إن شاء الله- قضية إلى نجاح بإذن الله تعالى.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.