التمسك بالصحبة الصالحة

الأمر الثالث: تشبث وتمسك بالأصدقاء الصالحين، ابحث عنهم حيث كانوا: في حلقة المسجد، أو في المكتبة، أو في الدرس، أو في المعهد نفسه، أو في الحارة، المهم ابحث عن الأخيار حيث كانوا وتمسك بهم بكلتا يديك، ولا تفارقهم أبداً حتى لو أساءوا إليك، ولو قسوا عليك، ولو جفوا في معاملتك، قل لهم: أنا أريدكم لنفسي ولا أبحث عنكم من أجل المتعة، فالمتعة لو أردتها لوجدتها عند غيركم، إنما أبحث عنكم لأنني أعتقد أن نجاتي مرهونة بصحبتي لكم، فأنا أعيش في بيئة غير صالحة، وطبيعة عملي طبيعة تدعو إلى التحلل، وتدعو إلى الوقوع في الحرام، وأقل ما تدعوني إليه أن تقع عيني على حرام، أو تستمع أذني إلى حرام، أو تتحرك يدي إلى حرام، أو تمشي قدمي إلى حرام.

وكل هذا صنفه رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت كلمة خطيرة جداً: الزنا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: {كتب على ابن آدم حظه من الزنا، مدرك ذلك لا محالة، فالعين تزني وزناها النظر، والأذن تزني وزناها السمع} سواء سمعاً مباشراً؛ أم تسمع كلاماً يحرك مشاعرك فيها، كلمات غرام وغزل أو عبر الهاتف: {واليد تزني وزناها البطش} فمصافحتك لامرأة أجنبية، وضعك يدك على كتفكها أو ظهرها أو على ساعدها أو بأي صورة من الصور، هذا من الزنا: {والرجل تزني وزناها المشي} فالمشي إلى الحرام، عندما تذهب إلى مكان لا لتقوم بعمل، ولا لتخدم أمتك ودينك وأهل بلدك، ولا من أجل الرزق المباح، وإنما تذهب إلى عمل وكل ما في مخيلتك هذه المغريات التي تنتظرك، فهذه الخطوات معدودة في الزنا.

إذاً: كل عضو من الأعضاء يزني، فمثلاً: الشفتان تزنيان وزناهما القبلة الحرام، واللسان يزني وزناه الكلام المعسول، وعبارات الغزل والغرام التي يتعاطاها بعض الشباب بعفوية ولا مبالاة، ولا يدرون أن في هذا العطب والهلاك لهم في الدنيا والآخرة: {والقلب يتمنى، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه} ولاحظ الحديث: {كتب على ابن آدم حظه} .

إذاً: أنا أريد أن أنبهك مرة أخرى إلى قضية وهي: أنت -إن كنت تعرف من نفسك أخطاء وانحرافات- فأنت وذاك الإنسان التقي النقي الطاهر العابد، كلاكما من طينة واحدة، وكلكم من بني آدم وكلكم ينطبق عليه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: {كتب على ابن آدم حظه من الزنا} أنت وهو، ولكن الفرق أنك استجبت لدواعي الهوى ونوازع الشهوة، أما هو فأعرض وأبى واستعاذ بالله عز وجل؛ فأعاذه الله! فالمقصود أن عليك التشبث بأصدقائك الصالحين الطيبين وتتمسك بهم، ولو ركلوك بأقدامهم! وتقول لهم: أنا في بيئة لا تعينني على الخير والصلاح، فإن تخليت عنكم أو تخليتم عني، فإن معناه أنني كالغريق الذي كانت يده تمسك بحبل النجاة فانفلتت يده من هذا الحبل وهو لا يجيد السباحة، كيف ترى يكون مصيره؟! الغرق ولابد، فلابد من صحبة الأخيار والبحث عنهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015