ومن الحلول: إيقاف سياسة التضليل الإعلامي؛ التي مسخت عقول الناس، وجعلتهم لا يعتقدون إلا ما يعتقده الزعيم المناضل، أو الرئيس الملهم، وجعلتهم صورة طبق الأصل بعضهم لبعض، فهم نسخ مكررة ولكنها أيضاً مزورة، ليس لديها إبداع ولا تفوق ولا تصميم ولا أمل ولا طموح فماذا تعتقد في إنسان صودر منه أعز ما يملك -صودر عقله- كيف سيفكر؟! كيف سينظر للأمور؟! لقد أوجدت هذه الأجهزة عند الناس شعوراً عميقاً بالإحباط وخيبة الأمل واليأس القاتل المدمر.
إنه لابد من إعادة الثقة إلى الشعوب ومكاشفتها بالحقائق، وجعل الصورة واضحة أمامها , ونحن نجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، المؤيد بالوحي من السماء والذي يستحيل أن يحصل زعيم في الدنيا سابقاً أو لاحقاً على ما كان يمنحه المسلمون لرسول الله من الحب والإكبار والثقة وغير ذلك أو يدانيه أو يقاربه؛ ومع ذلك نجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبين الحقائق واضحة لأصحابه، ويشاورهم فيها كما استشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في صلح الحديبية، وقال في معركة أحد {أشيروا عليَّ أيها الناس} وكما شاورهم حين استشار الأنصار السعدين وغيرهم، وفي قضية الأحزاب لما أراد أن يعطيهم ثلث ثمار المدينة, ولم يكن أحد أكثر مشاورة من النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه، وبلا شك أن مشاورته عليه الصلاة والسلام، لم تكن مشاورة في جو تعتيم وتضليل وتغييب الحقائق، لا، بل كانت في جو كشف كامل للحقائق، كان يقول: لهم هذا هو الواقع وهذه هي الحقيقة، وماذا ترون؟ أرأيت إذا وجدت أُمَّةً عندها استعداد أن تموت حفاظاً على حياضها وذوداً عن دينها وحمايةً لأعراضها، وفرحاً بالموت في سبيل عقيدتها، لماذا تحول بينها وبين الموت؟! إذا كنت تعتقد أن ميدان المعركة ليس هو الآن، وأنه غير مناسب؛ فهلم إلى ميدان الجهاد في مجال الصناعة في مجال العلم، في مجال السياسة، في الميدان الاجتماعي، في ميدان الإعداد العسكري.
هلم إلى تحريك هذه الشعوب لتشارك في الإعداد في هذه الميادين , هل نحن صادقون فيما ندعيه من أننا عاجزون؟! هل حاولنا الخروج من هذا النفق؟! هل بدأنا؟! بل هل سمحنا لأصحاب الهمم العالية -أصحاب الطموح، أصحاب المواهب، أصحاب الإمكانيات- هل سمحنا لهم أن يقدموا خدماتهم وإمكانياتهم؟! هل هو سر أيها الأحبة؟! إنه ليس سراً فهو يكتب في الصحف؛ بل في عشرات الكتب! إن من أعظم المآسي التي تشهدها الساحة العربية والإسلامية اليوم… ما يسمى بهجرة العقول العربية إلى بلاد الغرب، التي تتحدث عنها المجامع العلمية، والنشرات، هجرة العقل الإسلامي، حيث لا يجد المناخ المناسب في تلك البلاد، فيهاجر إلى هناك ويصب في بحر يخدم المصالح الغربية.
فمتى نغري هذه العقول الفذة النادرة العبقرية متى نغريها بالعودة إلى قواعدها سالمة؟ ومتى نؤويها؟ ومتى نوفر لها البيئة المناسبة والمناخ المناسب، سواء من الناحية المادية أو الإغراء المادي، أو من الناحية المعنوية والحفاظ على كرامتهم وحقوقهم الإسلامية والإنسانية؟!!