من الحلول أن يعرف الفلسطينيون موقفهم -فهم أصحاب القضية الرئيسيون، وأن يحددوا اتجاهاتهم، وألا يسمحوا لزعامتهم المضللة أن تجعلهم ألعوبة في يد الحكام- فإذا أراد هذا الحاكم الانشقاق انشقوا، وإذا أراد الوحدة تصالحوا وتعانقوا؛ يوماً يذبحهم هذا، ويوماً يذبحهم ذاك -فلا يقبلون إلا أن يكون الإسلام هويتهم ومنهجهم وأصلهم ومنطلقهم، يربون عليه أبناءهم، يغرسونه في نفوس الناشئة، ويغرسون فيها نفوس التضحية والفداء والبذل، ويعمقون روح العداوة للكفار من اليهود والنصارى وغيرهم، وما لا يتم الآن يمكن أن يتم بعد عشرين سنه أو ثلاثين سنة؛ فمعركتنا مع عدونا ليست معركة اليوم، بل هي معركة الأمس ومعركة اليوم ومعركة الغد، فكم من الشعوب اضطهدت وشردت وطُرِدَتْ، ومع ذلك استطاعت أن تبني نفسها بناءً صحيحاً؛ فمن كهف الاضطهاد والتشريد، يولد التحدي، التحدي الذي يفجر الإبداع يفجر التخطيط.
فهناك مسئولية كبيرة على الشعب الفلسطيني، وخاصة على الواعين المسلمين اليقظين فيه، أن يعملوا عملاً جاداً على إعادة هذا الشعب إلى دينه، وتصحيح عقيدته، وجمع كلمتهم على الهدى، والحق والتوحيد، وأن يعرفوا أن كل الأبواب موصدة أمامهم، إلا باب الإيمان والرجوع إلى الله تعالى، والتجمع لا على أساس شعار طائفي، أو يساري أو علماني أو غير ذلك، وإنما على أساس إسلامي رباني، فإذا فعلوا ذلك فإن الأرض لله تعالى يورثها من يشاء من عباده، ونقول كما قال موسى: {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [الأعراف:129] .
10-5 ضرورة التوعية العامة:- من الحلول أيضاً وهي مهمة: ضرورة التوعية العامة على كافة المستويات، وبكافة الوسائل على كافة المستويات: الطلاب العامة الخاصة الشباب الأطفال، وبكافة الوسائل الممكنة: بالكتاب بالشريط بالمقالة بالمحاضرة بالدرس بالخطبة بالندوة بالأمسية بالقصيدة بالقصة بالكلمة حتى بالحديث الشخصي، التوعية العامة في قضية السلام ومدلولات السلام ومخاطر السلام وما وراء السلام وحقيقة العداء مع اليهود وترسيخ عقيدة البراءة من المشتركين، التي جاء بها الإسلام، والبراءة من أهل الكتاب، في نفوس جميع المسلمين، من الناشئة والشباب والشيوخ والرجال والنساء، فلابد من عقد لقاءات وندوات ومحاضرات ودروس وخطب، وبرامج مكثفة لهذا الغرض.
ولذلك يتساءل البعض يقول: ماذا نصنع؟! هل نذهب لنقيم حرباً؟! لا يا أخي! لماذا نحن نتكلم في وادٍ؟ وأنت في وادٍ آخر، أو بعض الناس يقول: ما الداعي أن تثير هذا الموضوع وتتكلم؛ ما لنا حل ولا بأيدينا حل؟ يا أخي: على أقل تقدير أن يكون بيدك أن تكون واعياً، أن تعرف أنت حقيقة الوضع، فمصيبتنا فيك الآن، وليست مصيبتنا في أولئك الذين ذهبوا إلى مدريد أو غيرهم فأولئك قد غسلنا أيدينا منهم منذ زمن، وعرفنا ما عندهم وماذا ورائهم، لكن بقيت أنت! أصبحت في بعض الحالات مؤيداً أو على الأقل أصبحت في غشش لا تدري حقيقة الأمر، وهذه مصيبة! هذه كارثة! فنحن نريد منك أن تكون ذا عقل واع بما يراد وما يدار، هذا من ناحية؛ الناحية الأخرى، أن تفرغ هذه العلوم وهذا الوعي وهذا الإدراك، أن تفرغه فيمن حولك بكافة الوسائل؛ حتى تكون الأمة واعية؛ لأنه يا أخي: إذا كانت الأمة تعتقد أن مؤتمر السلام هو نهاية المطاف، وأنه إبداع لا يمكن أن تتصوره معنى ذلك أن الأمة بلغت قمة المجد وقمة التقدم، وأنه عليها أن تتوقف عند مؤتمر السلام، لكن إذا شعرت الأمة أن مؤتمر السلام، هو حصيلة سنوات من الهزيمة والإحباط، والذل والتسلط والقهر الذي عاشه الشعب الفلسطيني، وعاشته معه شعوب عربية وإسلامية؛ أخرى أدركت أن هذا الخطأ، هو سلسلة من أخطاء كثيرة صحيح أنا وأنت لن نوقف مؤتمر السلام، وصحيح أننا لن نوقف مؤامرة قد لا نستطيع أن نوقفها؛ وإن كان المؤمن عنده ثقة بأنه يستطيع أن يعمل الكثير، لكن إلا يتهرب من المسئولية ويقول: المسئولية مسئولية غيري علي كل حال هذا نظرة سريعة، والوقت لا يتسع للإفاضة.