إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني

الحجة الأولى: معاناة الشعب الفلسطيني المشرد، الذي قد أوذي واضطهد من قِبَلِ الأصدقاء قَبْلَ الأعداء، وصارت له مجازر في البلاد الإسلامية، وصار ضحية هجمات شرسة من هذا الحاكم أو من ذاك؛ فيقولون: هذه المعاناة الطويلة إلى متى تستمر؟! وهل تريدون من هذا الشعب أن يظل مشرداً بلا وطن ولا مأوى؟! متى يعود هذا الشعب إلى أرضه وإلى بلاده، وإلى شجره وإلى المكان الذي ولد فيه؟!

وQ هل سيحل المؤتمر هذه المعاناة التي يعانيها الشعب الفلسطيني؟! من قال: إن هذا المؤتمر سوف يحل هذه المعاناة التي يعانيها الشعب الفلسطيني، حتى على فرض وجود دولة فلسطينية، تحت المظلة الإسرائيلية؟! فمن قال: إن هذا يعني أن الشعب الفلسطيني قد انتهت معاناته وآلامة؟! لماذا لا نكون صرحاء؟! ألا نعلم أن الشعوب الإسلامية، أكثرها تعاني من الاضطهاد والمضايقات، حتى دون أن تطرد من بلادها؟ فكم لقيت الشعوب التي زج بها في غياهب السجون؟! وكم لقيت الشعوب التي يؤخذ أبناؤها ولا تدري إلى أين، ولا تعرف ما مصيرهم؟! وكم حوربت الشعوب في أرزاقها؟! وكم منعت عنها أقواتها؟! وكم ضويقت؟! وكم كتمت أنفاسها، حتى وهي شعوب تعيش في بلادها، وفي أرض ميلادها وبين أهلها وأولادها؟! وتعيش تحت ظل شجرها، ونخيلها وتينها وزيتونها وغير ذلك! ونحن نعرف أن عدداً من الدول العربية تصدر تقارير، تدل على أن الشعوب التي تعيش تحت ظل ذلك القهر تعيش ذلك الوضع! نستطيع أن نقول: إن الفلسطينيين في إسرائيل ربما يكونون أخف وأهون حالاً منه، مع الأسف الشديد!! إذاً: فليست القضية قضية الشعب الفلسطيني فقط، بل هي قضية الأمة الإسلامية في أكثر بقاعها، حيث تواجه من ألوان المضايقات والاضطهاد -في أقواتها وأرزاقها- وقبل ذلك في دينها أيضاً تواجه الشيء الكثير! فالمعاناة واحدة والهم واحد وكما قيل: بكيت ونحن مختلفون داراً ولكن كلنا في الهم شرق كلنا في الهم مسلمون.

ثم لنفترض أن الشعب الفلسطيني يعيش معاناةً لا يعيشها غيره من الشعوب العالمية والعربية والإسلامية أهذا هو الحل العاجل الذي ينتظرونه ويتربصونه، الذي يتمثل بوجود دولة مسخ لهم تحت مظلة إسرائيل، دولة منزوعة السلاح دولة في أي صورة من الصور هذا الحل العاجل الضعيف هل هو الحل العاجل الصحيح؟! أم أن صبر هؤلاء -على معاناتهم وتحملهم لما يقاسونه الآن، ولما تحملوه طيلة خمسةٍ وأربعين سنة، وتحملهم ذلك مزيداً من السنوات ربما يكون سبباً في حل بعيد، لكنه حل جذري وحل قوي، يضمن الحقوق الكاملة، ليس للشعب الفلسطيني فقط، بل للمسلمين في كل مكان.

إن هناك شعوباً كثيرةً تعاني من الاضطهاد، فشعب إسرائيل نفسه -قبل قيام دولة إسرائيل- كان شعباً مضطهداً في كل مكان، وكانوا أقليات مشردة ولعلكم تعرفون ما لقيه اليهود على سبيل المثال في ألمانيا الهتلرية، حيث لقوا من ألوان الاضطهاد ما يكون أشبه بالأساطير، وهناك وثائق تدل على أنه حصل شيءٌ من ذلك، صحيح قد يكون ضُخِّم لمصالح إسرائيلية، لكن حصل من ذلك الشيء الكثير، وحوربوا في بريطانيا نفسها وأمريكا وفي أكثر من مكان، وكانوا ينظر إليهم نظرة ازدراء واحتقار.

ومن عمق المأساة والمعاناة التي واجهها شعب اليهود، انبثق الحل، وأدركوا أنه لابد من وجود دولة تحميهم وتدافع عن حقوقهم، فقد ظلوا في التيه زماناً طويلاً ثم تجمعوا في فلسطين.

فلا مانع أن نقول: إن عمق المأساة والمعاناة التي يعانيها الشعب الفلسطيني، أو الشعب المسلم في أي بلد مسلم آخر كالعراق -مثلاً- أو ليبيا أو غيرها من البلاد التي بالغوا في اضطهاد المسلمين ومضايقتهم، وأن هذا الاضطهاد قد يكون بداية الحل، لأنه أقرب ما يكون الفجر عندما يشتد الظلام: اشتدي أزمة تنفرجي قد آذن ليلك بالبلج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015