هل ترانا نسمح بزوال التشريد والتطريد عن الشعب الفلسطيني على فرض أنه سوف يزول -فعلاً- في مقابل فتح أسواقنا الإسلامية والعربية لبضائع إسرائيل، وتيسير السبل للتعاون والتكامل الاقتصادي بين إسرائيل وبين جيرانها من العرب؟! هل ترانا نسمح بزوال التشريد والتطريد عن الفلسطينيين، مقابل فتح السفارات في جميع البلاد العربية، -ومن المعروف أن تلك السفارات ستكون أوكار التجسس الإسرائيلي على الشعوب الإسلامية، وعلى العلماء وعلى الدعاة وعلى الحركات الإسلامية في كل بلد عربي وإسلامي؟! هل ترانا نسمح بزوال التشريد والتطريد عن الفلسطينيين، مقابل استقبال آلاف السائحين المخربين المصابين بأمراض الإيدز وغيرها، من الأمراض الجنسية ونقلهم هذه اللوثات إلى البلاد العربية والإسلامية؟! هل ترانا نسمح بزوال ذلك مقابل انتشار عملية التزوير وترويج المخدرات، التي كانت في عام (1988م) (76%) منها في مصر، وتتم على أيدي يهود جاءوا تحت مظلة السياحة.
هل ترانا نسمح بزوال التشريد والتطريد عن الفلسطينيين مقابل ضياع شبابنا؟! ففي عام (1990م) صدر قرار عالٍ رفيع المستوى، يؤكد أن الموساد -وهو المخابرات الإسرائيلية- وراء كل المخططات التي تهدف إلى تدمير الشباب المصري، وقال: إن السواح كثيراً ما يقيمون في فنادق متواضعة من الدرجة الثالثة أو الرابعة أو الخامسة، أو فوق غرف أسطح المنازل أو في ضيافة الشباب العزاب، وخاصة حين يكون مع السواح الإسرائيليين نساء وفتيات، وارتفع عدد المدمنين في مصر إلى أكثر من مليوني مدمن، وأرجع التقرير ذلك إلى النشاط اليهودي؛ هذا فضلاً عن ترويج الأفلام والكتب التي تنشر اليأس والقنوط بين الناس، وتجعل إسرائيل واقعاً لا سبيل لإزالته، وتدعو إلى الرذيلة، وإلى التحلل من القيم الدينية والأخلاقية تحت ستار الحرية والترويح عن النفس.
هل ترانا سنسمح بزوال التشريد والتطريد عن الشعب الفلسطيني؛ مقابل أن تسعى إسرائيل لتدمير طاقات البلاد الإسلامية والقضاء على مواردها الاقتصادية والزراعية وغيرها، كما حصل في مصر مثلاً؛ فقد عثرت أجهزة الشرطة على مئات الأطنان من البذور والأسمدة والمخصبات الفاسدة والملوثة بالمكروبات، وعثروا على مئات الطرود من الطيور وخلايا النحل المصابة بالأمراض؛ كما أكدت التقارير التي أجرتها السلطات المصرية تسرب شحنات كثيرة من الأغذية الملوثة بالإشعاع النووي، والتي جاءت إلى مصر عن طريق بعض الشركات الإسرائيلية أو الشركات المتعاونة مع إسرائيل؟! وهل ترانا نسمح بزوال التشريد والتطريد عن الفلسطينيين، في مقابل تحريم التعرض لليهود -في البلاد الإسلامية- في أي برامج إعلامية، أو فصل مدرسي أو مسجد أو منبر، بل حتى الآيات التي تتحدث عن اليهود تمنع قراءتها في الإذاعة والتلفاز، بحجة أنها تسيء إلى العلاقات مع اليهود -وربما يقال يوم من الأيام مع الأشقاء- فطالما تقدمت السفارة الإسرائيلية باحتجاجات لوزارة الخارجية المصرية على شيء من هذا القبيل، أنه قرئت آيات شديدة على بني إسرائيل؟! هل ترانا نسمح بزوال التشريد والتطريد عن الفلسطينيين، في مقابل إعطاء الفرصة لليهود وللإعلام اليهودي بمزيد من التحريض؛ تحريض المتنفذين في البلاد العربية الإسلامية وعلى الدعوة الإسلامية، وعلى رجالها وعلى العلماء، وعلى الدعاة والمصلحين، بمعنى آخر: يقول مسئول مصري كبير -عندما التقى بمسئول ونظير له من الاتحاد السوفيتي- " من أهم القضايا التي تم الاتفاق عليها، وضع خطة لمواجهة المد الأصولي " -هذا بين مصر وبين الاتحاد السوفيتي- وفي نفس الموضوع زار الاتحاد السوفيتي وزير حج وأوقاف ما، ونشر في مجلة تصدر عن وزارة الحج والأوقاف ذاتها تقول: " إن من القضايا التي تم دراستها، سبل القضاء على الأصوليين وعلى التطرف الديني ".
إذاً الدول العربية تتحادث مع روسيا الملحدة في كيفية مقاومة التيار الديني -سَمَّه التيار الأصولي، سمّه التطرف، سمّه العنف، سمّه ما شئت- فهل يتكرر هذا مع إسرائيل، وتصبح إسرائيل هي الذراع الأخرى لبعض البلاد التي تحارب الإسلام باسم محاربة العنف، ومقاومة المد الأصولي وغير ذلك؟! هل تعلن إسرائيل تحالفها مع بعض تلك الأنظمة، بمقاومة التيار الديني؟ يقول بعض الصحفيين الإسرائيليين: " عشرات الشباب المصريين الذين كانوا يرتدون الجنز، أصبحوا يرتدون الجلاليب الآن، ويقضون أوقاتهم في المساجد، فيما احتجبت فتيات مصر الجميلات، وأصبحن يرتدين الملابس المحتشمة ".
إذاً هم من خلال صحافتهم وإعلامهم يحرضون الحكومات -وهي لا تحتاج إلى تحريض- على أي حركة أو نشاط إسلامي في داخل بلادهم.
هل ترانا نسمح بزوال التشريد عن الفلسطينيين، في مقابل السماح للثقافة الإسرائيلية أن تنتشر في عقولنا وفي بلادنا وبيوتنا وإعلامنا -كتب وأفلام ودوريات وموسوعات وبرامج إذاعية وتلفازية- فذلك نتيجة طبيعية جداً للتعاون الثقافي بين إسرائيل وبين جاراتها، ومشاركة إسرائيل في معارض الكتب التي أقيمت في مصر، هي أبلغ شاهد على ذلك.
أم ترانا نسمح بذلك؟! في مقابل تحقيق حرية التنقل لمواطني وسيارات الدول الأخرى والدخول من قبل كل من الطرفين إلى الطرف الآخر، حتى إلى الأماكن ذات القيمة والتاريخية، دون أي تميز كما ذكرت قبل قليل، أي أنهم لا يريدون أن يدخلوا إلى المساجد، من باب السياحة، بل يعتبرون هذه مناطق دينية من حق اليهودي أن يدخلها كما يدخلها المسلم.
وأن نسمح لسفن اليهود بالمرور من المياه الإقليمية طبقاً لما يسمى بالقانون أو قواعد القانون الدولي كما هو من ضمن مطالب إسرائيل، ومن ضمن اتفاقياتها مع مصر، كما يزعم البعض.
فهذه القضية الأولى يقولون ذلك من أجل إزالة معاناة الشعب الفلسطيني؛ ونحن نقول: المعاناة أكبر من ذلك وحلها لن يتم من خلال مؤتمر السلام، والقضية أننا سوف ندفع خسائر كبيرة حتى لو افترضنا إن معاناة الشعب الفلسطيني سوف تزول بالكلية، لا يتصور عاقل أننا سوف نقبل بذلك، مقابل أن تنتقل المعاناة إلى الشعوب الإسلامية بأسرها.