تحريك الركود الاقتصادي لإسرائيل

المكسب الثالث: هو تحريك الركود الاقتصادي الذي تعاني منه إسرائيل، وكان يهدد اقتصادها في كل لحظة ويوم، وهذا الركود الاقتصادي بطبيعة الحال -في إسرائيل- يؤثر على التسلح، خاصة ونحن نعلم أن سعر الأسلحة المتطورة قد ارتفع كثيراً، وأصبح من الصعب على إسرائيل توفيره في ظل ظروف الركود الاقتصادي الذي كانت تعيشه.

ومن المعلوم أنه لكي يُضمن نجاح اقتصادي، ولكي يُضمن تقدم اقتصادي؛ لا بد من وجود استقرار سياسي، أي أن رءوس الأموال لا يمكن أن تهاجر من العالم إلى إسرائيل، وهى بلد قلق مضطرب يمكن أن يتغير أو تشن عليه حرب في أي لحظة فالناس لكي يستثمروا في إسرائيل، ولكي يحولوا رأس مالهم إلى إسرائيل، لا بد أن يضمنوا وجود قدر من الاستقرار السياسي والأمن الاقتصادي فيها؛ لتوظيف رءوس أموالهم التي يمكن أن تهاجر إلى إسرائيل، وهذا ما حصل ويحصل فعلاً، ولهذا لا غرابة أن تتحدث بعض الأنباء -التي نتمنى ألا تكون صحيحة- عن أن هناك شركات ومؤسسات عربية أبدت استعدادها لمنح بعض القروض لشركات يهودية من أجل تيسير وتوفير نفقات هجرة اليهود السوفيت، واليهود الأثيوبيين إلى إسرائيل.

إذاً حتى من العرب هناك من الأثرياء -الذين لا دين لهم ولا شهامة فيهم- من الممكن أن يفكروا تحويل رءوس أموالهم إلى الاستثمار في إسرائيل، ودعم مشاريع التهجير والتوطين في إسرائيل ذاتها، وهذه من أعظم المكاسب التي سوف تحصل عليها إسرائيل، خاصة ونحن نعلم -أيضاً- أن في ظل الهجرة اليهودية المكثفة إلى إسرائيل، لو وجد المهاجرون ظروفاً اقتصادية صعبة فمن الممكن أن يرجعوا، ويكون هناك ما يسمى بهجرة معاكسة أي خروج اليهود من إسرائيل إلى المكان الذي هاجروا منه.

فإذا استقر الوضع اقتصادياً؛ كان هذا هو البيئة المناسبة لاستقبالهم واستقرارهم فيها؛ ولهذا لا تستغربوا إذا نادى شمعون بيريز وهو زعيم حزب العمل، إذا نادى بإمكانية أن يتخلى اليهود عن غزة، وأن يتخلوا عن بعض أراضي الضفة الغربية المكتظة بالعرب، لكي تدرج في اتحاد فدرالي أردني فلسطيني، وهذه فكرته! لماذا؟ قال: نحن نتخلى عن بعض حقوقنا ولكننا نكون بذلك قد أدينا واجباً تاريخياً تجاه أنفسنا.

ستحافظ إسرائيل -كما يقول- على نقائها العرقي وهويتها الدينية من هؤلاء الدخلاء - ضع كلمة "الدخلاء" بين قوسين -فهو يعتبر العرب المسلمين دخلاء من الناحية العرقية ومن الناحية الدينية في مثل جو إسرائيل وبيئتها، ولذلك إذا تخلى عن هذه الأرض التي تكون فيها كثافة إسلامية وعربية؛ يكون قد تخلص من هؤلاء الدخلاء الذين يشكلون شيئاً غير مرضٍ، وغير مرغوب في النقاء العنصري الإسرائيلي -كما يزعم ويريد- وفى نفس الوقت فإنها تفتح أمام إسرائيل الأبواب المغلقة، وبذلك تستطيع إسرائيل كما يقول هو: أن تحكم العرب جميعاً وليس فلسطين وحدها.

فالفرق بين زعماء إسرائيل -طبعاً هناك نظرة أخرى لبعض زعماء إسرائيل الذين يطالبون بعدم التخلي عن شبر واحد أو إصبع واحد من أرض فلسطين- ولكن الفرق بين هؤلاء وأولئك كما عبر أحدهم بقوله: الفرق بين زعماء إسرائيل هو فرق بين زعامتين زعامة عجولة متسرعة تريد أكل العرب والمسلمين بيدها وبسرعة، وزعامة أخرى متأنية بطيئة حكيمة، تريد أكل العرب والمسلمين بالشوكة والملعقة، وإلا هم متفقون على الأكل، لكن مختلفون على طريقة الأكل، فهناك من يطالب بأكلهم باليدين والتهامهم بسرعة وهناك من يقول: لا، نأكلهم بالتقسيط وبالشوكة والملعقة!! فمثلاً إسحاق شامير مثل الذي يريد أن يلتهمهم بكلتا يديه؛ لذلك لما استقبل المهاجرين السوفيت قال في لحظة من لحظات التجلي العاطفي الانفعالي وهو يرى جموع اليهود تفد إلى إسرائيل، فأصابه بذلك فرح غامر وسرور لا حدود له، فانطلق يتحدث على سجيته بعيداً عن الأساليب الدبلوماسية الرسمية يقول -وهو يخاطب المهاجرين: إن إسرائيل الكبرى من البحر إلى النهر هي حلمي وعقيدتي شخصياً، وبدون هذا الكيان لن تكتمل الهجرة ولا الصعود إلى أرض الميعاد، ولا أمن الإسرائيليين وسلامتهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015