ملامح النظام الدولي الجديد

يقول ابن برجنسكي -وهو مستشار للأمن القومي سابقاً في أمريكا-: "إن أفول نجم الاتحاد السوفيتي معناه تفرد الولايات المتحدة بمركز الدولة العظمى ذات المسئوليات العالمية، وإن أوروبا ستكون في أحسن الأحوال قوةً اقتصادية، ولن تتحول اليابان إلى قوة سياسية عسكرية إلا بعد مضي بعد الوقت وهكذا ستبقى الولايات المتحدة القوة العالمية الوحيدة".

يبرز تساؤل بعد هذا كله، وبعد غياب الاتحاد السوفيتي كقوة معطلة أو معادلة لدفاعات أمريكا… كيف سيكون الوضع الدولي في مثل هذا النظام الدولي الجديد، كما يسمونه؟ هناك تخوف جديد أن يتحول الصراع الذي كان قائماً بين أمريكا وروسيا إلى مجابهة بين الشمال والجنوب، بين الأغنياء والفقراء، أو قل بلهجة أخرى بين العالم الثالث الذي غالبه من المسلمين، وبين العالم الغني الغربي القوي، الذي غالبه أيضاً عالم نصراني أو عالم يهودي؛ وبذلك سينظم السوفيت إذا حصل هذا إلى -عالم الأغنياء- إلى عالم الغرب، وأذكر بالتقرير الذي سبق أن تلوته عليكم في درس بعنوان " خلل في التفكير " والذي سطر أن هناك تخوفاً في بعض الدول الغربية، فإنهم كانوا في الماضي يقولون: الروس قادمون! أما الآن فقد عدلوا هذا الشعار وصاروا يقولون: المسلمون قادمون، ويجب أن نتوحد -نحن- مع الروس في مواجهة المد الإسلامي أو المد الأصولي المتعاظم والمتزايد يوماً بعد يوم! إن الإسلام -أيها الإخوة- على رغم أنه يبدوا لنا أنه ليس له قوه تدعمه وتحميه … إلا أنه في نظر الغربيين الآن قوة هائلة مذهلة، وكأنهم اكتشفوا الإسلام من جديد فأصبحت الدوائر الغربية تعقد الجلسات والمؤتمرات، والمناقشات الطويلة، لمعرفة مدى تأثير الإسلام في المسلمين وكيفية مواجهته، وذلك لأنهم أدركوا أن الإسلام قوة متمكنة ليس في العالم الإسلامي فقط، وليس عن طريق بعض الجماعات الإسلامية التي قد يرتضون منهجها أو لا يرتضونه، ويعتبرونها جماعات متطرفة في نظرهم؛ ليس هذا فقط- بل حتى من خلال الأعداد الكبيرة من المسلمين الذين يعيشون في الغرب، وقد يكون كثير منهم من العمال أو غير المثقفين؛ ومع ذلك تجدهم متمسكين بدينهم -إلى حد ما- فحرصهم على تربية أولادهم على هذا الدين، وحرصهم على نشر دينهم في أوساط الآخرين؛ يُعدُّ أمراً مذهلاً في نظر الغرب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015